كيف تدير أمريكا معركة الساحل الغربي للسيطرة على الحديدة؟

 

المناورة الأميركية التي أشاعت بعض التحفّظ على طلب الإمارات للمشاركة في العدوان على مدينة الحديدة، سرعان ما تتكشّف أنها تتلاعب بالمنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان التي حذّرت من مخاطر هذا العدوان الذي يهدّد المدنيين الأبرياء بكارثة إنسانية كما وصفوا تداعياته.

 

الإدارة الأميركية لم تكشف فحوى طلب الإمارات بالمساعدة، لكن ما سرّبته صحيفة “نيويورك تايمز” أثار مخاوف المنظمات الانسانية التي تتحرّك أملاً بأن تمنع واشنطن من تقديم الضوء الأخضر لحرب واسعة.

 

المديرة التنفيذية لمنظمة الأمومة والطفولة (يونيسيف) هنريتا فور، حذّرت من أثر الحرب على 300 ألف طفل في الحديدة ومحيطها وعلى 11 مليون طفل في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية. والمفوّض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي، أعرب عن الخوف من إمكانية تدفق اللاجئين إلى القرن الأفريقي. وفي السياق أطلقت جمعيات “أنقذوا الطفولة” البريطانية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي وجمعيات عديدة نداءات لوقف استهداف ميناء الحديدة الذي يُعدّ شريان إيصال الدواء والغذاء إلى ضحايا العدوان على اليمن.

 

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أظهر في اتصاله مع محمد بن زايد أنه يدعو إلى ضبط النفس بحسب ما نقلت وسائل الإعلام. لكنه في حقيقة الأمر بحث الكلفة التي يخطّها ترامب منهجاً للعمل مع السعودية وحلفائها، وفق مؤشرات عديدة تبيّنت في الإشراف الأميركي على تحضير العدوان.

 

مجلس الأمن الذي عقد اجتماعاً مغلقاً تعرّض لإيحاءات أميركية وإلى بعض الضغوط للاكتفاء بالتنبيه إلى ضرورة إيجاد “سبيل لتجنّب المواجهة العسكرية في الحديدة” بحسب تعبير الأمين العام أنطونيو غوتيريش الذي دعا مندوبه مارتن غريفيث “جميع الأطراف إلى ضبط النفس”. ولعلّ ما يشير إلى دور أميركي في الإشراف على العدوان هو ما كتبه مايكل نايتس من معهد واشنطن في “وول ستريت جورنال” تعبيراً عن أسباب الإدارة الأميركية وراء الحرب على الحديدة.

 

قوات العدوان السعودي والإماراتي تعتمد على الدعم الأميركي في السلاح والعتاد والإحداثيات عبر الأقمار الصناعية. كما تعتد على تزويد الطائرات بالوقود وعلى مساعدة الخبراء في إدارة المعارك وعلى مشاركة ضباط أميركيين متقاعدين، طالبت عريضة من النواب في مجلس الشيوخ برئاسة مارك بوكان، بالكشف عن هذه المشاركة دون جدوى.

 

وفي التحضير للحرب على الحديدة، أشرف ضباط أميركيون على تدريب ألفي مقاتل في أرتيريا وصلوا إلى سواحل محافظة الحديدة. وفي هذا السياق تتحدّث الأنباء عن حشد أكثر من أربعين ألف مقاتل يضم مجموعات من قوات عبد ربه منصور هادي ومن قوات طارق عبد الله صالح وقوات تهامة. فهذه القوات البرّية تحت إشراف أميركي تساندها عمليات جوّية تحت إشراف أميركي أيضاً وبموازاتها تتحرّك بوارج بحرية باتجاه مديرية الدريهمي.

 

على هذه القوات الجويّة والبريّة والبحرية، تعوّل الإمارات “تحرير محافظة الحديدة لتكون بداية النصر الكامل لتحرير كافة الأراضي اليمنية وصولاً إلى العاصمة صنعاء” كما كتب أنور قرقاش صباح الهجوم. لكن رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي طمأن اليمنيين من قدرة الجيش واللجان الشعبية على إلحاق الهزيمة بالقوات المعتدية. وفي هذا الصدد أوضح المتحدث باسم الجيش اليمني العميد شرف لقمان أن المعارك مستمرة منذ فترة وهم يحاولون العودة من طريق “ميدي” لكننا بانتظارهم.

 

الخبراء المهتمون بدراسة أفاق العدوان السعودي على اليمن، يتوقّعون أن تكون معركة الحديدة طويلة من دون سيطرة حاسمة للتحالف السعودي. لكن الجميع يتوقّع كارثة إنسانية جديدة تُلهب الجمعيات الإنسانية وتتيح فرصة مناسبة لداعمي العدوان في واشنطن والدول الغربية بذرف دموع التماسيح.