تفاصيل خطيرة : ابن سلمان يخضع والدته لإقامة جبرية
كشفت شبكة شبكة NBC الأمريكية الخميس عن معلومات مثيرة تتعلق بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وخفايا إدارته للبلاد، وشؤون القصر وتأثيره على والده الملك سلمان بن عبد العزيز.
ونشرت الشبكة الأمريكية تفاصيل تحقيق قام به كل من كارول لي وكورتني كيوب، وترجمته "عربي21" استندت فيه لمعلومات من 14 مسؤولا أمريكيا، أشاروا فيها إلى أن ابن سلمان يفرض الإقامة الجبرية على والدته منذ عامين.
وعن تفسير ذلك، تقول الشبكة إنه "لمنعها من التأثير على الملك سلمان بسبب قلقه آنذاك من معارضتها لخططه إحكام قبضته على السلطة ومن احتمال استخدام تأثيرها عليه لمنع نجلها من تحقيق خططه، إضافة إلى احتمال أن يحدث ذلك انقسامات داخل العائلة الملكية".
ويشير التحقيق إلى أن ولي العهد السعودي "قدم لوالده عدة تفسيرات لغياب والدته كالقول إنها في رحلة علاج خارج المملكة".
ويضيف التحقيق، وفقا للمسؤولين الأمريكيين، أن تقييم المخابرات الأمريكية لأفعال ابن سلمان ضد والدته وإخفائها عن والده والعامة "هو مثال على مدى استعداده لإزالة أي عقبة تقف أمام طموحه ليصبح الملك المقبل".
وتاليا الترجمة الكاملة :
يشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الأمير ابن سلمان، الذي سيزور واشنطن الأسبوع المقبل، ويحل ضيفا على البيت الأبيض، سيتم الترحيب به على أنه مصلح، وسع من حقوق المرأة، في واحدة من أكثر الدول محافظة في العالم، وسمح لها بقيادة السيارة، وحضور مباريات كرة القدم، إلا أن هناك امرأة سعودية واحدة لم تنتفع من إصلاحاته، بحسب ما يقول مسؤول أمريكيون، وهي والدته.
وتنقل الكاتبتان عن 14 مسؤولا حاليا وسابقا, قولهم إن التقارير الأمنية تظهر أن الأمير ابن سلمان منع والدته، ومنذ أكثر من عامين، من مشاهدة والده الملك سلمان، حيث عزز الأمير الشاب سلطاته، وأضافوا أن الأمير، الذي يعد حليفا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اخترع عددا من التبريرات عن سر غياب أمه خلال السنوات الماضية، من مثل أنها خارج البلد للعلاج الطبي، حتى لا يعلم والده أنه وراء غيابها، بحسب المسؤولين الحاليين والسابقين.
ويذكر الموقع أن المسؤولين الذين تمت مقابلتهم لهذا التقرير، وبناء على سنوات من المعلومات الاستخباراتية، قالوا إن ابن سلمان قرر التحرك ضد والدته؛ لقلقه من معارضتها خططه بتوسيع سلطاته، التي قد تقسم العائلة المالكة، وإمكانية استخدام تأثيرها لمنعه من تنفيذ خططه، حيث قال المسؤولون إن ولي العهد وضع والدته تحت الإقامة الجبرية منذ وقت دون علم والده.
ويلفت التقرير إلى أن الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاما، حل محل ابن عمه الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، وقام بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في الأشهر الماضية، مشيرا إلى أنه أشرف على خطوات جريئة عززت من نفوذه عندما سجن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أكثر من 200 من رجال الأعمال والأمراء، بذريعة مكافحة الفساد.
وتقول الكاتبتان إن ترامب دافع عن الحكومة السعودية بشأن "المعاملة القاسية" للمعتقلين، حيث تبنى ترامب وصهره ومستشاره البارز جارد كوشنر محمد بن سلمان، الذي يعرف بـ"م بي أس"، مشيرتين إلى أن البيت الأبيض أعلن يوم الاثنين أن الرئيس سيلتقي مع ولي العهد في 20 آذار/ مارس، وأن ترامب: "يتطلع لمناقشة الطرق لتقوية العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وتعزيز أولوياتنا الأمنية والاقتصادية".
ويستدرك الموقع بأن اللقاء، الذي يعد جزءا من جولة زار فيها ابن سلمان عددا من الولايات داخل أمريكا، يأتي في وقت يعبر فيه عدد من المسؤولين الأمريكيين عن قلقهم المتزايد من أساليب ولي العهد القاسية، التي تؤثر على عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث تشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن أفعال ابن سلمان ضد والدته، التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها أخفيت عن الملك سلمان والسعوديين بشكل عام، هي مثال على استعداد ابن سلمان لإزاحة أي عقبة أمام تقوية موقعه في السعودية، بصفته وريثا لعرش والده، بحسب ما يقوله المسؤولون السابقون والحاليون.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤولين، قولهم إن التقييم بشأن العلاقة بين ابن سلمان ووالدته قام على معلومات استخباراتية وفرها عملاء, ومن خلال التنصت, وتلك التي أشركت فيها دول أخرى الاستخبارات الأمريكية، لافتا إلى أنه تم التأكيد من خلال هذه المعلومات كلها أن والدة ولي العهد الأميرة فهدة بنت فلاح آل حثلين تم إخفاؤها دون معرفة الملك.
وتكشف الكاتبتان عن أن هذا التقييم علم أثناء إدارة باراك أوباما، ولم يتم تغيير التقييم منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لافتتين إلى أن السفارة السعودية في واشنطن نفت أي تقارير تتحدث عن وضع زوجة الملك تحت الإقامة الجبرية، أو أنها تعيش منفصلة عن زوجها.
وينقل الموقع عن المسؤولين الأمريكيين، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، قولهم إن الملك، البالغ من العمر 82 عاما، أخبر بأن زوجته الثالثة خارج البلاد لتلقي العلاج، وأضافوا أن الملك تحدث لمن حوله قائلا إنه يفتقدها، ولا يعلم مكان وجودها أو وضعها، فيما قال عدد من المسؤولين لشبكة "أن بي سي نيوز" قبل فترة، إن الملك في بعض الأحيان لا يبدو في كامل تركيزه.
وينوه التقرير إلى أن الملك سلمان أخبر الرئيس باراك أوباما في لقاء مع عقد في أيلول/ سبتمبر 2015، أن زوجته في نيويورك لتلقي العلاج، وبأنه يأمل أن يزورها عندما يحضر إلى الولايات المتحدة، وقال المسؤولون إن أوباما لم يخبر الملك أن زوجته ليست موجودة في نيويورك، مستدركا بأن تعليقات الملك كانت دليلا آخر حصلت عليه المخابرات الأمريكية عن وضع العائلة المالكة.
وتذكر الكاتبتان أن المسؤولين الأمريكيين التقطوا في بداية عام 2016 اتصالات، قالوا إن ابن سلمان تحدث فيها عن جهوده لإبعاد والدته عن الملك دون علمه، وذلك بحسب مسؤولين سابقين وحاليين، منوهتين إلى أن المتحدث باسم أوباما رفض التعليق، مشيرا إلى الخصوصية في حوارات أوباما مع القادة الأجانب، ورفضت الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" التعليق بمعلومات أمنية لها علاقة بالعائلة السعودية المالكة، كما تجنب متحدث إدارة الأمن القومي التعليق.
ويجد الموقع أنه "مع أن قاعدة الأمير محمد بدأت بالتوسع في داخل السعودية خلال السنوات الماضية، إلا أن خطواته الشرسة تزامنت مع الدعم الأولي الذي حصل عليه من بيت ترامب الأبيض، فبعد شهرين من توليه المنصب، استقبل ترامب محمد بن سلمان في البيت الأبيض مرتين، وليس ولي العهد في حينه الأمير محمد بن نايف، وبدأ ابن سلمان بتقوية علاقاته مع إدارة ترامب بعد انتخابات عام 2016، وقضى ساعات طويلة مع جارد كوشنر في واشنطن والرياض، ورفض متحدث باسم كوشنر، الذي يشرف على ملف التسوية السلمية، التعليق على تقرير الشبكة، وأحال السؤال إلى مجلس الأمن القومي، الذي رفض التعليق أيضا".
ويفيد التقرير بأن الكثير من المسؤولين في إدارة ترامب يعولون الكثير على ولي العهد من ناحية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، حيث يقول مسؤول في البيت الأبيض: "لقد عقدنا الكثير من الآمال عليه"، مشيرا إلى أن هذا الموقف بخلاف العلاقات مع السعودية أثناء إدارة أوباما، التي شهدت خلافات حول التقارب الأمريكي من إيران.
وتبين الكاتبتان أن السعودية أصبحت الآن جزءا لا يتجزأ من سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهة التأثير الإيراني في المنطقة، والتوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ففي آيار/ مايو سافر ترامب إلى السعودية، في أول رحلة خارجية له بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
ويشير الموقع إلى أنه تم بعد شهر تعيين ابن سلمان وليا للعهد بدلا من ابن نايف، وكجزء من التحول في السلطة، فإنه تم وضع ابن نايف تحت الإقامة الجبرية، رغم أن هذه القيود رفعت لاحقا، لافتا إلى أنه تم تعيين شقيق ابن سلمان الأصغر الأمير خالد سفيرا لواشنطن، وكلاهما من أم واحدة.
ويورد التقرير نقلا عن الباحث الزائر في معهد "أمريكان إنتربرايز" أندرو باوين، قوله: "ينظر الرئيس وجارد لابن سلمان باعتباره رجلهما في المنطقة"، حيث دعم ترامب خطوة حصار قطر، رغم نصيحة مستشاريه، ودعم سجن الحكومة لمئات من الأثرياء والأمراء السعوديين بتهم الفساد، وقال ترامب في تغريدة: "أثق بالملك سلمان وولي عهده، إنهما يعلمان ما يقومان بعمله"، وأضاف: "بعض هؤلاء الذين يتعرضون للمعاملة القاسية يحلبون بلدهم منذ سنوات"، وحذر باوين من أن الدعم الذي قدمه ترامب لخطوات ابن سلمان الأولى قد يرتد عكسا؛ نظرا "لانفصاله (عن الواقع) وتهوره".
وتنقل الكاتبتان عن شخص مقرب من العائلة المالكة، قوله إن توتر العلاقة بين ولي العهد ووالدته حدث منذ سنوات، التي عبرت عن خوفها من محاولاته تعزيز نفوذ أشقائه، وأضاف أن ابن سلمان أراد تجنب ما كان يحدث في وقت حكم الملوك السابقين، حيث يصبح أبناء زوجة واحدة المؤثرين في البلد، لافتتين إلى أن المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن فاطمة باعشن نفت أن يكون الأمير قد وضع والدته تحت الإقامة الجبرية دون علم والده، قائلة: "هذا ليس صحيحا بالمطلق، وإن أردت فاسألي سمو الأميرة بنفسك، ونحن مستعدون لترتيب مقابلتها".
ويذكر الموقع أن "أن بي سي" اتصلت بباعشن بشأن التقرير في كانون الأول/ ديسمبر 2017، ولم تقبل العرض للحديث مع الأميرة؛ لأن الحكومة السعودية لن تسمح للشبكة بالكشف عن أن واحدة من مراسلاتها التقت مع الأميرة، أو نشر ما جرى في المقابلة.
وبحسب التقرير، فإن متحدثا آخر باسم السفارة عرض على الشبكة الحديث مع مصادر مقربة من والدة ولي العهد، وهو عرض قبلته الشبكة، وفي 30 كانون الثاني/ يناير كتب قابيل رسالة إلكترونية، جاء فيها إن الحكومة السعودية لديها انطباع أن "أن بي سي نيوز" راغبة بالحديث مع والدة ولي العهد، وأنها "ستجعلك على اتصال بالدائرة المقربة منها".
وكررت الشبكة أنها لن تقابل الأميرة دون الكشف عن أنها قابلت والدة الأمير، وطلبت تزويدها بأسماء مقربين منها للاتصال بهم، فرد قابيل بأن موقف الشبكة "متهور"، وأن هذا "سيتسبب بالضيق للأميرة، ويعرضها لتسليط الرأي العام عليها"، وقال: "القصة غير صحيحة بالمطلق ومؤذية بشكل كبير.. عرضت الأميرة عليكم مقابلتها شخصيا بشكل خاص لدحض هذه القصة، لكنكم رفضتم، وقررتم الاعتماد على مصادر لم تسموها، ولهذا فإن المشاهد لن يصدر حكمه على (دوافعكم ومصداقيتكم)".
وتورد الكاتبتان نقلا عن مسؤولين أمريكيين وخبراء في السعودية، قولهم إن تقييم وضع العائلة المالكة صعب، خاصة عندما يتعلق الامر بالنساء، وأضافوا أن وضع زوجة الملك تحت الإقامة الجبرية، أو منعها من الوصول إلى زوجها يمر دون أن يلاحظه أحد؛ لأنها وغيرها من النساء نادرا ما يظهرن في العلن.
وينقل الموقع عن الزميل في مركز الأمن القومي مركز التقدم الأمريكي، بريان كاتوليس، الذي قابل مسؤولين سعوديين، بينهم ولي العهد، قوله إنه من الصعب تحديد ما يجري في المملكة خلال العام الماضي؛ نظرا لجهود فصائل عديدة تأطير ما يجري.
ويختم "أن بي سي نيوز" تقريره بالإشارة إلى قول كاتوليس: "في الملكيات المطلقة، التي تحكمها عائلة مثل السعودية، فإنه من الصعب الحديث عما يجري داخل تحولات السلطة"، مشيرا إلى أنه لم يسمع أي شيء يتعلق بوالدة ولي العهد، وليس لديه طرق للتأكد من ذلك.
- قرأت 2616 مرة
- Send by email