ماذا اسقطت سورية مع اسقاط ال ف 16 الاسرائلية المعادية ؟

 

كان واضحا منذ ان تسارعت الانجازات العسكرية السورية و تراكمت الانتصارات التي تصنعها مع حلفائها الاستراتيجيين الذين يعملون معها في اطار معسكر الدفاع عن سورية ،

 

كان واضحا ان معسكر العدوان بات يشعر انه يحشر في الزواية الاخيرة من المسرح و ان اوراقه تحترق الواحدة تلو الاخرى حتى كان احتراق ورقته الاستراتجية الرئيسية التنيظم الارهابي "داعش" الذي دخل في اطار التصفية النهائية من الارض السورية و كانت عملية تطهير جيب ال 1100 كلم في ارياف حلب و حماه و ادلب بمثابة الاشعار الاخير ان داعش تودع الميدان السوري و ان شقيقتها جبهة النصرة تتحضر لتلاقي المصير نفسه و ان اميركا و اسرائيل وهما القيادة الحقيقية و الفعلية لمعسكر العدوان باتا امام حقيقة مرة مضمونها ان عليهما الاعتراف بالهزيمة في حرب الوكلاء و الادوات و ان الخيارات امامهما محصورة بين امرين لا ثالث لهما اما النزول بقواتهما الى الميدان او البحث عن مخرج منه يحفظ لهما شيئا من ماء الوجه و يفتح الطريق امام سورية لاستعادة استقرارها على قاعدة "ان ليس للاجنبي مقر فيها" و ليس لعدو سيطرة او نفوذ و من يريد الصداقة ممن طبيعته تناسب مع طبيعة سورية فان يد سورية ستكون ممدودة لملاقاته .‏‏

 

بين هذين الخيارين اختارت اميركا و اسرائيل كما يبدو الخيار الاول ، و رفضتا الاعتراف لسورية بالنجاح في اسقاط العدوان و المحافظة على ذاتها و استقلالها و سيادتها و دورها ، و ترجم الرفض مباشرة عبر اكثر من سلوك بدءا بورقة الحل اسياسي المقترح من قبل دول العدوان الخمسة ، و التي تتضمن ببساطة اعطاء المعتدي بالسياسة ما عجز عنه في الحرب ، ثم كان التلفيق الاميركي الذي بمقتضاه اتهمت سورية باستعمال السلاح الكيماوي و هددت ب " الملاحقة و المعاقبة " ثم ارتفعت وتيرة التهديات الاسرائيلية للمقاومة و لبنان بالحرب ، ثم كان البدء بارسال الرسائل التنفيذية النارية فقامت اميركا بعدوان جوي على مجموعات عسكرية سورية و حليفية تعمل ضد داعش مدعية و بوقاحة كلية بحق مشروع للدفاع عن احتلالها للارض السورية ، حتى كان يوم ال 10 شباط 2018 و قام الطيران الاسرائيلي بالعدوان على مراكز عسكرية سورية في الداخل السوري و تحديدا في المنطقة الوسطى ، في عدوان يرسل رسالة واضحة بان اسرائيل بعد اميركا قررت التدخل في الميدان لوقف اندفاعة الجيش العربي السوري و منعه من استكمال الاجهاز على الارهابيين ، كما و منعه من استثمار انجازته السابقة التي مكنته من فتح الطريق الآمن الى الحل السياسي كما اوحى بيان سوتشي .‏‏

 

و بالتالي اننا نفهم العدوان الجوي الاسرائيلي الاخير و قبله العدوان الجوي الاميركي بانه عدوان يتعدى هدفا عسكريا محددا و انه من طبيعة استراتيجية اراد اصحابه القول لسورية اننا لن ندعك تستقري و ان بيدنا القوة التي يمكن اللجوء اليها بما في ذلك التهديد بالحرب المحدودة تخوضها اسرائيل و تدعمها اميركا ، و كان هذا التهديد او بات هذا التهديد في الاونة الاخيرة بمثابة و رقة استراتجية اساسية يعتمد العدوان عليها و لهذا اعيد تحريك ملف الكيماوي مقرونا باعطاء اميركا نفسها وة بكل صلافة الحق بالعمل ضد الجيش العربي السوري لحماية الفئة الانفصالية في الشمال الشرقي السوري .‏‏

 

و في ظل هذه البيئة قامت الطائرات الاسرائيلية من طراز ال ف16 F16 بعدوانها و كانت اسرائيل تتصور ان العدوان سيمر كما خططت و عملت منذ بداية العدوان على سورية حيث قام الاراهابيون يومها باستهداف منظومة الدفاع الجوي السوري بشكل ممنهج ما ادى الى وضع معظمها خارج التاثير و الفعالية ان لم نقل خارج العمل ، ما جعل اسرائيل تعتقد ان السماء السورية اصبحت امنة امام طيرانها ، وماخوذة بغرورها و عنجهيتها و صلفها فاتها ان تدرك بان القيادة السورية تمارس دفاعها بما يناسب المرحلة و لا تستدرج الى ميدان و معركة وضع العدو شروطها واعدها بما يخالف الخطط الدفاعية السورية ، و هنا كان سوء التقدير الفظيع الذي ارتد اليوم على اسرائيل بابشع ما يمكن ان تتصور خيبة احدثت الصدمة و الذهول لديها . و بالتالي فان اسرائيل ادركت و هي تراقب طائرتها تحترق و تهوي امام اعين المستوطنين ان وضعا جديدا تشكل في المنطقة و ان امورا هامة ينبغي ان تاخدها بعين الاعتبار منها :‏‏

 

1.ان سورية ليست واهنة عزلاء كما اعتقدت ، بل لديها منظومة دفاع جوي فاعلة ، و اذا كان القديم منها – سام 5 – اسقط اكتر من طائرة من الطائرات الاربع التي اعتدت ، فكيق سيكون الحال مع استعمال المنظومة المتطورة التي تلقتها مؤخرا ؟‏‏

 

2.ان القيادة السورية لديها القرار الاستراتيجي الواضح بالتصدي للعدوان مع الاستعداد الكامل لتحمل التبعات و التداعيات او بكلمة اخرى اذا كانت الامور ستدحرج و تنزلق الى حرب فان القيادة مستعدة لها و هنا بيت القصيد الذي سيبنى عليه بشكل دقيق و هو ان الوضع العسكري السوري هو من السلامة و القوة ما يمكن سورية من المواجهة . و ان التهويل بالحرب و التدخل الاسرائيلي المباشر في الميدان لم يعد له قيمة و لم يعدمجديا امام صلابة و شجاعة و ارادة القيادة السورية الحازمة و الواضحة .‏‏

 

3.ان الرد السوري العنيف – استعمال 25 صاروخا لمواجهة 4 طائرات – لا يمكن ان يكون قد حصل الا بعد تقدير موقف عسكري و استراتيجي جرى مع الحلفاء في محور المقاومة و روسيا ، و هذا الامر يزيد من مخاوف اسرائيل و ينسف مرة اخرى ورقة تهويلها بالحرب ، و بمعنى اخر ان السحر انقلب على الساحر و لذا راينا اسرائيل كيف سارعت اولا للاتصال بروسيا طلبا للتهدئة ثم و قبل ان تغيب شمس نهار العدوان المرتد عليها خيبة و حسرة سارعت الى القول بان العملية انتهت و ضاعت الطائرات ال ف16 في لعبة الخيبة و سوء التقدير .‏‏

 

اما ملخص النتائج التي ستحكم المرحلة الجديدة ، فهي براينا ستشكل انقلابا في المشهد العام لقواعد الاشتباك بين اسرائيل و سورية و معها محور المقاومة ، حيث ستجد اسرائيل نفسها و قد خسرت الحرية في التحليق في السماء السورية ، و خسرت ورقة التهديد بالحرب ، و الزمت بمعادلة ردع استراتجي توسعت من لبنان برا الى سورية جوا مع البر طبعا ، و في هذا خسائر استراتجية كبرى لحقت باسرائيل اولا و بقيادة العدوان على سورية كلها بما فيها اميركا ثانيا . و اذا كانت اميركا تخطط لاطالة امد الحرب ، فان سورية لديها الخطط الدفاعية التي تفعل في اتجاهين في الداخل لحسم المواجهة مع الارهاب و تجاه دول العدوان التصدي المباشر و اسقاط استراتجية اطالة امد الصراع التي يتمسكون بها و ان اصرت قيادة العدوان على المواجهة بعد سقوط الحرب البلديلة فعليها ان تتوقع مزيدا من ايام 10 شباط حيث سقطت طائرات ال ف16 و سقطت و معها هيبة سلاح الجو الاسرائيلي و صلف قيادة العدو على المستويين السياسي و العسكري ، و سقطت ايضا الورقة الاستراتجية المسماة "الحرب القادمة " و التهويل بها ، و سقطت ايضا استراتجيات العدوان الاخيرة مع اوراقه الاخيرة لتفتح سورية الباب واسعا لانهاء الازمة بما يتوافق مع مبائها و حقوقها الوطنية و السيادية ...لقد اسقطت سورية اعد من الطائرة انه وهم العدوان بتحقيق او تعويض خسائره الاستراتجية فيها و هذا هو الاهم .‏‏