ما وراء استهداف الآثار التاريخية وقباب وأضرحة الرموز الدينية في اليمن ؟

 

لم يكتف العدوان السعودي الأمريكي بضرب الشعب اليمني وقتل أبنائه وأطفاله ونسائه وتدمير بنيته التحتية ومؤسساته العسكرية والمدنية، بل عمد جاهداً إلى تدمير الأماكن الأثرية والمساجد القديمة والقباب والأضرحة التي تحوي مراقد الأئمة والأولياء، وقبلها استهدف كل الموروث التاريخي اليمني الضارب في عمق الأزلية، ليثبت مدى الحقد الدفين والغيض الشديد من حضارة اليمنيين وتاريخهم المرصع بكل المآثر والمواقف والوقائع.

 

اسباب الاستهداف

 

يستهدف العدوان الغاشم كل شيء جميل في اليمن لأهداف كثيرة، وتأتي في طليعتها الرغبة في ألاَّ يكون للشعب اليمني أيةّ هويَّة أو حضارة خالدة يعتز بها حاضراً ومستقبلاً، وثانيها التركيز المقصود على زرع الشكوك في أدمغة الأجيال القادمة في تأريخها المدون في سطور التأريخ وأمهات الكتب، من خلال طمس وإزالة الآثار التاريخية والمساجد الأثرية وقباب وأضرحة الرموز الدينية التي تؤكد صحة ما هو مسطور في التواريخ اليمنية..

 

سياسة الـ لا أخلاق

 

بالرغم من إيماننا المطلق بأن آل سعود لا يحترمون الأحياء ولا يتورعون عن النيل منهم وتصفيتهم، إلا أننا لم نكن نتوقع أن يسري هذا الحال على الأموات أيضاً، وأن نرى تعمداً واضحاً في استهداف أضرحة وقباب رموزنا الدينية التي خدمت الإنسانية في مجالات عدة، وتعد آثارها القديمة جزءاً من حضارة أمتنا الإسلامية التي تستحق الحماية والاهتمام والترميم، فالشعوب الشرقية والغربية تتعهد باستمرار زيارة الأجساد المحنطة لزعمائها وقبور قاداتها، ويذرفون دموع الشوق بجوارها ويعتبرون ذلك نوعاً من الاحترام والتقدير والتبجيل لتلك الشخصيات، بينما متطرفو العرب يهدمون أضرحة وقباب علمائهم ويسعون إلى إزالة معالمهم وطمس آثارهم .

 

حقد دفين منذ عقود

 

إن المتتبع لتأريخ شياطين نجد سيجد أن لا حضارة تذكر لـ آل سعود، حتى الآثار النبوية التي توجد في أراضيها تمت إزالتها في العام 1344هجرية بعدما استولى آل سعود على مكة المكرمة والمدينة المنورة وضواحيها، وبادر الوهابيون بالمساحي فهدموا ما في (المعلّى)- مقابر قريش- من القباب وهي كثيرة منها قبة سيدنا عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبة سيدنا أبي طالب- عليه السلام- وقبة السيدة خديجة رضي الله عنها، كما هدموا المراقد المقدسة في البقيع ومحوا آثار آل البيت - عليهم السلام- والصحابة رضوان الله عليهم.

 

وقبل التأريخ السابق أعد الأمير سعود- الوهابي- جيشاً ضخماً يتألف من عشرين ألف وشنوا هجوماً عنيفاً على مدينة كربلاء، وهدموا أضرحة وقباب آل البيت- عليهم السلام - وارتكبوا جرائم لا يمكن وصفها وقتلوا خمسة آلاف مسلم أو أكثر - حتى قيل 20 ألفاً- وكان الوهابية يشنون بين فترة وأخرى - وخلال مدة تتراوح بين اثني عشرة عاماً- هجماتهم وغاراتهم الحاقدة على كربلاء المقدسة وضواحيها وعلى مدينة النجف الأشرف ويعودون ناهبين سارقين. وتمثلت البداية في الهجوم على مدينة كربلاء عام 1216 هجرية وبعد ذلك بفترة من الزمن هجموا على مدينة زبيد في اليمن، وهدموا قباب وأضرحة الأولياء.

 

تحديث النوايا والأفعال

 

وفي سنة 1994م شن الوهابيون في اليمن حملاتهم على أضرحة الأولياء فهدموا ضريح العيدروس في عدن، وفي العام الأول من العدوان على اليمن قام الوهابية بهدم قبة وضريح العارف بالله السيد سفيان الأبيني في حوطة لحج ،وبعدها استهدف العدوان السعودي بقصفه الصاروخي مسجد الإمام الهادي عليه السلام - الأثري القديم - الذي تم بناؤه سنة 290 هجرية على قبته وضريحة، وقام العدوان أيضاً بتدمير قبة وضريح الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي- رضوان الله عليه- وقام بقصف الأماكن الأثرية الأخرى. أما دواعش العدوان في الداخل فقد قاموا بهدم قباب وأضرحة أقطاب الصوفية سيما في محافظة تعز، مثل قبة وضريح سلطان العاشقين عبدالهادي السودي، وقبة وضريح السيد علي الرميمة، وقبة وضريح الشيخ عبدالله الطفيل، وغيرها من القباب والأضرحة التي يطول ذكرها.

 

آثار اليهود باقية

 

إن ما يدعو للدهشة والعجب هو كيف أن الحصون اليهودية في خيبر ما زالت موجودة إلى يومنا هذا ولم يتم إزالتها، بينما تم طمس الأثار النبوية ومحوها بالكامل، وفي ذلك دلالة واضحة للمشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستخدم السعودية أداة رخيصة لتنفيذ مخططاته الخبيثة ومنها الحفاظ على معالم اليهود وطمس المعالم الإسلامية.

 

تخبط مهزوم

 

عندما عجز العدوان السعودي على اليمن عن تحقيق أهدافه منذ اللحظات الأولى حتى اللحظة، أصيب بهيستريا الخيبة وفوبيا الفشل، فجعل الآثار التاريخية والمساجد الأثرية في بنك أهدافه، كاشفاً هوسه وتخبطه، ومؤكداً على قرب نهايته التي باتت قريبة جداً، وما هذه الانتصارات التي يحرزها الجيش اليمني ولجانه الشعبية في كل الجبهات إلا رسائل يقين بقرب الحسم وبهجة الانتصار.

 

المصدر : الوقت التحليلي