سقوط أم إسقاط ، خلل فني أم صراع سياسي ، ماذا وراء إسقاط الطائرات العسكرية ؟

في أول توضيح من قيادة الجوية لسقوط طائرة سخواي 22 ظهر اليوم في صنعاء قال رئيس أركان القوات الجوية عبدالملك الزهيري في تصريح قبل قليل لقناة (اليمن )ان السبب في استمرار سقوط الطائرات بشكل متكرر يعود للصراعات السياسية في البلد ، ملمحاً لوجود عامل تخريبي وراء تكرار سقوط الطائرات.
ويأتي سقوط الطائرة "سخواي" 22 في شارع الخمسين ظهر اليوم بعد مرور أقل ثلاثة أشهر على حادثة سقوط الطائرة الحربية "سخواي 22" في حي القادسية بشارع الزراعة وسط صنعاء والتي انتهى الحديث حول سقوطها بمؤتمر صحفي لقيادة الجوية اتهمت فيه الطيار بارتكاب خطأ فادح ، واليوم يتكرر الحادث وتسقط طائرة أخرى من نفس الطراز ويتكرر اختصار الموقف الرسمي بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب السقوط .
وبقراءة متأنية لحوادث السقوط السابقة للطائرات والتي بلغت رقما قياسيا في فترة وجيزة ، و هو ما لا يمكن المرور عليه وتجاهله، ويجعل من احتمال طمس بيانات الصناديق السوداء أو تغييرها أو إخفائها أمرا منطقياً ومفسرا لتأخر نتائج فحص الصندوق الأسود لطائرة "السوخوي22" التي سقطت في حي الزراعة ولم تعلن أسباب السقوط حتى سقوط أخرى ظهر اليوم في شارع الخمسين ، و هو ما حدث مع طائرة الانتينوف التي سقطت في حي الحصبة قبل اقل من ستة اشهر .
في "22" فبراير وبعد ست ساعات من سقوط الطائرة وتحطمها في حي الزراعة ألقت وسائل الإعلام الرسمية على مسامع اليمنيين بيان للجنة الأمنية العليا قالت فيه "إنها تحفظت على "الصندوق الأسود" ويجري فحصه وسيتم الإعلان عن النتائج خلال ساعات قالت عنها قادمة إلا أن سبعين يوما مرت دون ان نسمع اي نتائج ، وهاهي الأخرى ومن نفس الطراز تسقط ويتكرر ذلك التصريح وكما ورد في "22" فبراير الماضي.
وليست بعيدة حادثة سقوط طائرة "الانتونوف" في حي الحصبة وسط العاصمة في نوفمبر 2012-م ، وما أعلنته ذات اللجنة المسماة باللجنة "الأمنية العليا" بأنه يجري فحص الصندوق الأسود وسيتم الإعلان عن أسباب سقوط الطائرة لاحقا ، وفي 20 يناير ذكرت مصادر إعلامية عن تسلم هادي تقريرا أعده خبراء عسكريون روس أكدوا فيه أن طائرة الانتينوف (طراز إم 26) سقطت في العاصمة صنعاء, صباح 21 نوفمبر 2012, بسبب تعرضها لإطلاق نار من معدل مضاد للطائرات" وأودت بحياة عشرة ضباط وطيارين يمنيين.
وأضافت المصادر أن التقرير وصل, في 18 يناير الماضي, الى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي قادما من روسيا بعد أن انتهى من إعداده الخبراء العسكريون الروس الذين زاروا صنعاء بعد حادث سقوط الطائرة بأيام بناءً على طلب من وزارة الدفاع اليمنية للتحقيق في الأمر ، وأجرى الروس عملية التحقيق الميدانية في مكان سقوط الطائرة في منطقة "الحصبة" ثم أخذوا معهم الصندوق الأسود الخاص بها لاستكمال التحقيق في روسيا.
وأوضح المصدر, الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن التقرير أكد أن طائرة الـ "الانتينوف " الخاصة بالشحن, روسية الصنع، أصيب أحد محركيها بطلقتين من معدل مضاد للطائرات وأدتا الى فصل الخطوط التي تربط المحرك بقمرة قيادة الطائرة ، وهو الامر الذي جعل قائدها يفقد السيطرة عليها".ثم سقوطها ومقتل قائدها وتسعة ضباط أخرين.
وبعد أن أثار التقرير الروسي جدلا واسعا في الرأي العام ، سارعت قيادة الجوية بعقد مؤتمر صحفي لتوضيح أسباب سقوط الطائرة وحسب نائب مدير مديرية التدريب للقوات الجوية والدفاع الجوي- رئيس لجنة التحقيق في سقوط طائرة الـ "أنتينوف 26N" عقيد ركن ابراهيم الشامي أرجع سبب سقوطها إلى "تعرض محركها الأيمن للحريق بسب تسرب الوقود" وعقب ضابط آخر في نفس المؤتمر بأن بيانات الصندوق الأسود تعرضت للتلف ، ولم يشر إلى ذلك التلف هل كان أثناء السقوط أم بعده أم أثناء الفحص والتحري إلا أنه أتى متأخراً ، وهو ما يناقض تصريح الشامي ، فإذا كانت بيانات الصندوق الأسود تعرضت للتلف حسب زعمه فما الذي جعله يقول بأن أسباب السقوط هو تسرب الوقود!؟
سقوط الـ"سوخوي22" في شارع الزراعة هي الأخرى لم يتم إعلان أي نتائج بشأن أسباب سقوطها حتى وإن كانت الطائرة بل اكتفى مصدر جوي باتهام الخلل الفني وارتكاب الطيار خطأ فادح في نفس الوقت أدى إلى سقوطها.
ومنذ العام2009، يعد سقوط الطائرة السخواي اليوم الإثنين هو الحادث السابع؛ حيث سقطت قبلها 6 طائرات حربية وغالبا ما يقفل حديث سقوط طائرة بسقوط أخرى بعدها ، فيما المصادر العسكرية تصر على الخلل الفني كمتهم وحيد يقف وراء سقوط الطائرات.
وتمتلك القوات الجوية اليمنية، عشرات الطائرات طراز "سوخوي22" تتجاوز الثلاثين طائرة إلا أن هذا الطراز لا يستطيع تجاوز حدود اليمن نظراً لقلة مخزونها من البنزين، وتعتبر "متهالكة ومخاطر تعرضها للسقوط كبيرة نظراً لانتهاء عمرها الافتراضي، وتحتاج إلى عملية صيانة كبرى".
كما تمتلك القوات الجوية أيضاً عشرات الطائرات طراز "إف 5" خدمت في حرب 1994م بين الشمال والجنوب، واستطاعت إسقاط طائرة طراز "ميغ 29" كانت تتبع القوات الجوية الجنوبية، آنذاك أثناء مناورة حربية معها رغم أن الأخيرة حديثة الصنع.
إضافة إلى أربعة وعشرون طائرة طراز "ميج 35" (حوامات) كانت تتبع رئاسة الجمهورية فقط خلال الفترات السابقة، ولا يتم الطيران بها إلا بتوجيهات رئاسية، وحوالي 15 طائرة طراز (هيوي) حوامات أيضاً، وطائرات نقل طراز "سي 1" و"يوشن" يبلغ عددهما حوالي سبع طائرات.
وبالإضافة إلى طائرات السوخوي22 القاذفة، تمتلك القوات الجوية اليمنية طائرات اعتراضية (مقاتلة) طراز "ميج29" يبلغ عددها 20 طائرة، وعشرات الطائرات طراز ميـغ 21 وتعتبر الأخيرة من أكثر الأنواع تصنيعا في العالم، وأثبتت قدرة كبيرة في العمليات الحربية وكذا قدرة كبيرة على الارتفاع تصل إلى حدود 60 ألف قدم عن سطح الأرض.
سقوط الطائرة سخواي 22 ظهر اليوم بصنعاء أتت في وقت ترتفع فيه الأصوات المطالبة بإخلاء العاصمة من المعسكرات ومخازن العتاد العسكري ومنع التدريبات الجوية فوق سماء العاصمة صنعاء بعد تزايد حوادث سقوط وتفجيرات متكررة سقط بسببها عشرات القتلى والجرح .
وتعد حادثة سقوط طائرة حربية في بيت بوس اليوم هي الثالثة من نوعها خلال أقل من ستة أشهر بعد أن سقطت طائرة الإنتونوف في نوفمبر العام الماضي بمنطقة الحصبة "شمال العاصمة صنعاء" ما أسفر عن استشهاد طاقم الطائرة بالكامل ، ومقتل 14 مواطن بالإضافة لطاقم طائرة حربية سقطت في حي القادسية وسط العاصمة صنعاء شهر فبراير الماضي.
و يرى محللون و سياسيون انه ليس مستبعدا أن يخفي الفاعل فعلته بعد سقوط كل الطائرة ، فغياب الأمن لساعات طويلة بعد كل حادثة سقوط يطرح الكثير من علامات الإستفهام ، وليس من المستبعد أن يكون الهدف من وراء ذلك هو تغيير ملامح السقوط وكيفيته ووضعية الطائرة ، وما يمكن أن يتوصل إليه من نتائج ، خصوصا وأن الكثير من حطام الطائرة يتم انتشاله ونهبه عقب سقوط الطائرة مباشرة من قبل أشخاص مدنيين انشغلوا بأخذ القطع كما لو كانوا جاهزين للمهمة ، و هو ما حدث اليوم مع ركام الطائرة سخواي بشارع الخمسين.
وفي حيث انه غالبا ما يتم إخفاء حقائق كثيرة عن حوادث مشابهة بتجاهله وعدم الإعلان عنها رسميا ، أما إذا كان حادثا بحجم سقوط طائرة وفي وسط حي مدني فمحال أن يخفيه اللاعبون كحدث مجرد عن التفسيرات والتبريرات والمغالطات ، لكن ما يستطيعون فعله هو إخفاء ما وراء ذلك من حقيقة ، ومع ذلك هناك الكثير من الطائرات انفجرت وهي راسية في قاعدتها ولم تقلع من مكانها "مطلقاً " فهل يكون منطقيا بأن يبقى المتهم الأوحد في جميع تلك الحوادث "الخلل الفني.