في رؤيتهما لجذور قضية صعدة المؤتمر والإصلاح يبرءان المجرم"النظام" ويحملان الضحية "الحوثيين" المسؤولية

المؤتمر
اعترف بالتضليل الاعلامي وتهميش الدولة لمحافظة صعدة وتجاهل الدور الخليجي ودور الأجهزة الأمنية ودور المشايخ والوجهاء الذين تحالفوا مع النظام ضد أبناء محافظة صعدة ولم يتطرق إلى استخدام الفتوى الدينية التي حضرت على الحروب وسفك الدماء   
الاصلاح  
اعترف بان حروب النظام لصعدة كان لإغراض سياسية وبهدف التوريث وتجاهل دور قياداته  العسكرية والقبلية والدينية في مساندة النظام أثناء العدوان على محافظة صعده وتهرب من الاعتراف بالدور السعودي والأمريكي في الحروب الست ولم يحمل الأجهزة الأمنية أي مسئولية 
الرشاد
برر العدوان على المحافظة واعتبرها شرعية ومهد الطريق لعدوان جديد
قدمت الأحزاب السياسية والقوى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني رؤيتها كل على حدة لقضية صعدة التي تعد القضية الثانية من حيث الأهمية بعد القضية الجنوبية ، واقتصرت كل الرؤى المقدمة على مناقشة جذور القضية بهدف الوصول إلى وضع حلول ومعالجات لها يفترض أن تشمل تلك المعالجات كل تبعات الحروب الست التي شنها النظام السابق وبعض القوى الإقليمية  على أبناء المحافظة وبعض المديريات في محافظات عمران وحجة والجوف وتسببت في قتل عشرات الآلاف من الناس وتدمير  آلاف المنازل و القضاء على آلاف المحلات التجارية والمزارع  وإلحاق الضرر بممتلكات مئات الآلاف من المواطنين، كما يفترض أن تناقش الحقوق بمختلف أبعادها إلا أن ما قدمته بعض الأحزاب السياسية  حتى الآن  لا يزيد عن كونه يضفي غطاء شرعيا جديدا لتلك الحروب ويضيف فوق ذلك أنه يقدم أصحاب القضية على أنهم في أحسن الأحوال طرفا مذنبا إن لم يكن هو المجرم الحقيقي  ليصبح  النظام الذي شن العدوان هو الضحية وهو القضية ، والأسئلة التي تطرح نفسها هنا هل فعلا تريد هذه القوى أن تحل قضية صعده حلا عادلا كما تقتضي أدبيات الحوار الوطني الشامل الذي  دعي أنصار الله للمشاركة فيه  بصفتهم أصحاب قضية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى كقضية حقوقية 
  وإنسانية وسياسية وفكرية  ؟! 
فما يفهم من الرؤى المقدمة من بعض الأحزاب السياسية كمقدمات لوضع حلول لقضية  صعدة لا يمكن استيعابه في هذا النطاق بل يبد مغايرا تماما، وهو ما سنقدمه في قراءة تقييمية شاملة:
أولا ـ  رؤية المؤتمر الشعبي العام وحلفائه
وجاءت الرؤية في أربع صفحات متضمنة رؤية  كاملة لما سمته جذور قضية صعده وأسبابها بالإضافة إلى مقترح لنزول لجنة بحث تستهدف جماعة الحوثيين والسلفيين في دماج السلطة المحلية التي كانت في مراحل القضية الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مشائخ وأعيان من صعدة من هذا الطرف أو ذاك ومحايدين كما تستهدف المتضررين ، النازحين ومن يتم الاتفاق عليه في فريق عمل صعدة غير ما سبق والمناطق التي يتم بحثها تشمل محافظة صعده منطقة سفيان في محافظة صعدة مناطق التماس في محافظة حجة وبني حشيش في محافظة صنعاء والهدف من النزول الاستماع الى آراء المستهدفين حول جذور المشكلة وأسبابها ودوافعها . ما يعني أن قضية صعده ستعاد إلى  الجلاد ليحكم فيها ويعطي شرحا مفصلا عن الأسباب التي عبرها ستأتي الحلول والمعالجات وإلا ماذا يعني ذلك  والدليل أن المؤتمر نفسه قدم في رؤيته الحالية بأنه أعاد  المبررات نفسها التي كان يكررها النظام أثناء الحروب وقدمها هنا كجذور وأسباب لقضية صعده ففي السطر الأول من الرؤية يقول (تعود جذور وأسباب قضية صعده بين الحوثيين والسلطة عام 2004 وشيوعها إلى قيام الحوثيين بالامتناع عن دفع الضرائب والزكاة المشروعة واحتلال بعض مراكز المديريات وطرد موظفي الدولة ونشر نقاط التفتيش في الطرق ورفع (الشعار والصرخة) فأدى ذلك إلى احتدام الخلاف مع السلطة المحلية في المحافظة المعنية بتطبيق القانون وحماية النظام العام وحماية المواطنين من بعضهم البعض )  وهو ما كان يقدمه النظام لتبرير الحروب مع أن كل ذلك مجرد إدعاءات لم يثبت صحتها النظام نفسه فيما يتعلق بالامتناع عن دفع الزكاة والضرائب  وما يتعلق برفع الشعار فأنه  يعتبر دليلا هنا على عدم مشروعية الحروب ومصادرة النظام للحقوق وللحريات  ومواجهتها بالقمع والعنف ، ويضاف الى ذلك أن الرؤية حددت الفترة الزمنية للقضية بعام 2004م ولم تذكر الاعتقالات والملاحقات التي طالت كثيرا من الشباب وإدخالهم السجون والتي ابتدأت منذ عام 2001م حيث تم اعتقال ما يزيد على الآلاف بتهمة ترديد شعار الحوثيين واقتناء ملازم السيد حسين بدر الدين الحوثي  مع أن ذلك لم يكن جرما لا شرعيا ولا قانونيا وبالإضافة إلى تحديد الوقت حاولت الرؤية تحديد المكان وحصرها في محافظة صعدة والمناطق التي تم تحديها ، فكيف ستصنف الحالات التي حدثت خارج ذلك المربع وهذه محاولة لإعطاء قضية صعدة نطاقا جغرافيا محدودا   وهو هروبا مسبقا لإعطاء الحوثيين استحقاقات أخرى خارجة عن تلك المحددة . 
واتهمت الرؤية الحوثيين في البدء بالحرب عن طريق ما سمته الاعتداءات المسلحة على السلطة المحلية  وتلقي دعم خارجي  على الرغم من عدم امتلاكهم أدلة لإثبات ذلك فكيف يمكن اعتبارها جذورا وأسبابا وأضافوا ضمن الأسباب موقف بعض الأحزاب السياسية في إشارة للقاء المشترك مع أنهم لم يوضحوا ذلك وأيضا بعض القوى العسكرية ولا أدري ما هي القوى العسكرية التي لم تكن خاضعة للدولة حينها فكل القوى العسكرية الكبرى شاركت في الحروب ، لكنهم أيضا اعترفوا بضعف حضور الدولة وتهميش بعض المحافظات كما اعترفوا بالتضليل التي مارسته الوسائل الإعلامية الرسمية والأهلية المحلية والإقليمية في المقابل تجاهلوا دور الأجهزة الأمنية التي هي الطرف الأكثر تورطا في قضية صعده كما تجاهلوا الدور الخليجي الذي كان يدعم الحروب بشكل رسمي وعلني واضح والذي منه الحرب السعودية والتمويل الأمريكي كما تجاهلوا دور الخطاب الديني والتحريض المذهبي الذي قام به علماء وخطباء ودعاة معروفون وكثير منهم ممن يشارك الآن في مؤتمر الحوار الوطني تجاهلوا أيضا الدور الذي قام به الشائخ والوجهاء من مناطق الصراع ومن خارجها  ويتضح مما سبق أن الرؤية لم تقدم أي بند واحد يدين النظام أو يجرم الحروب وبالتالي كيف يمكن التكهن بأن المؤتمر وحلفاءه هنا يسعون إلى وضع معالجات حقيقية ومنصفة لقضية صعدة طالما لم يوردوا خطأ واحدا للنظام .
ثانيا ـ   رؤية التجمع اليمني للإصلاح  وحزب الرشاد
والتي جاءت في ثلاث أوراق  تضمنت أيضا رؤية لجذور قضية صعده واعترف خلالها الإصلاح بأنه كان رافضا للحرب على صعدة وهذا يعني أن الحرب لم تكن شرعية وفق الرؤية وبالتالي فان كل الجذور الذي سنوردها هنا تعتبر أسبابا لا تستدعي قيام النظام بأي عدوان لكن هذا ما لم يحدث  فكل ما ورد في رؤيته  اتهامات تبرر الحرب وتجعل من الحوثيين الطرف الأكثر  جرما  فهوا برأ النظام أولا من القيام بتلك الحروب بدوافع مذهبية  حيث تقول الرؤية على الرغم من محاولات البعض  إضفاء الطابع المذهبي على هذه القضية فأن تاريخ اليمن أثبت وجود التعدد بين التيارات والاتجاهات المختلفة فقد عاش اليمنيون في إطار واحد في ظل جو من التسامح والتعايش والترفع عن الخلافات ، إلا أن التجمع اليمني للإصلاح بعد اعتباره أن الحرب لم تكن بدافع مذهبي لم يتهم النظام بشكل واضح وصريح بل ذهب بعدها إلى اتهام الحوثيين ففي الورقة الثانية وفي معرض حديثه عما سماها الرواسب السلبية لعهود الإمامة  اعتبر في تورية واضحة أن الحوثيين هم واحدة من تلك الموروثات السلبية للإمامة  مما يعني  انهم لا يؤمنون بالنظام الجمهوري وبالتالي فإن النظام حاربهم بسبب ذلك  ولكي يبرر أكثر فقد انتقل الى الحديث عن الثورة الخمينية في إيران  وتصديرها للثورة إلى بعض شعوب المنطقة  وهو ما كان يردده علي عبد الله صالح بالحرف الواحد لكسب التأييد والدعم الخليجي  ومن هنا أصبح الصراع في مفهوم التجمع اليمني للإصلاح صراعا لوقف الشعارات الإيرانية وشعارات حزب الله  ووقف النفوذ الإيراني  الذي كان يتضح عن طريق السفريات المتكررة إلى تلك الدول من أجل ما سماه حمل المشروع الإيراني ، أليست هذه مجرد مبررات استخدمها نظام صالح  ويستخدمها الإصلاح اليوم في رؤية تأتي في إطار وضع حلول لقضية صعده فهل يمكن استيعابها هنا على ذلك النحو ؟!  لقد أراد الإصلاح هنا تقديم الطرفين النظام والحوثيين  كأطراف مسببة  متجاوزا كثير من الحقائق الذي لم يذكرها ومنها  الدور الذي قام به الشيخ عبدا لله بن حسين الأحمر الذي أعلن وقوفه ومساندته للنظام ودعا القبائل الخاضعة له للمشاركة في الحرب على الحوثيين على الرغم من أن الشيخ عبدا لله ين حسين الأحمر كان يمثل رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح ولم يقدم الإصلاح أي إدانة لذلك ومنها أيضا موقف الإصلاح  من العلماء المنتمين له وأفتوا بجواز الحرب في صعدة بل بضرورة الحسم العسكري ولا يمكن للإصلاح أن يدعي أنه أدان تلك الفتوى، ولعل الجذور التي لخصها الإصلاح في الورقة الثالثة توضح بشكل واضح أن رؤيته تبرئ النظام وتتهم الحوثيين وهو ما يشير إلى  عدم الاتفاق على وضع معالجات عادلة ومنصفة، وقريب من موقف الإصلاح موقف حزب الرشاد الذي قدم رؤية لا يمكن فهمها في سياق الحديث عن مقترحات فريق عمل قضية صعدة فكل ما تتضمنه رؤية حزب الرشاد هو تهيئة لشن عدوان جديد وليس لمعالجات الحروب السابقة .
ومن خلال ما سبق يتضح أن المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح   يتفق الاثنان على عدد من النقاط وهي نقاط يحاول الإصلاح و المؤتمر التنصل والخروج بها من مسؤوليتهم من شن الحرب والجرائم التي ارتكبت على أبناء صعده في ست حروب ظالمة.
منها التركيز على الدعم الخارجي و الإيراني بالتحديد  و اتفقا أيضا على اتهام الحوثيين بفرض فكرهم بقوة السلاح و بسط سيطرتهم على صعده و السعي للتمدد الجغرافي بقوة السلاح.