اغتيال الجعبري نكسة لنفوذ إيران في غزة

غزة – تمكنت إسرائيل أخيرا من تصفية القيادي الحمساوي البارز أحمد الجعبري بعد محاولات عديدة لاغتياله باءت بالفشل.
وأعلنت مصادر في حركة "حماس" استشهاد أحمد الجعبري في غارة إسرائيلية استهدفته في مدينة غزة.
وذكرت المصادر أن الجعبري استشهد خلال استهدافه بصاروخ واحد على الأقل في غارة إسرائيلية بينما كان يستقل سيارة وسط مدينة غزة. كما تحدثت هذه المصادر عن إصابة شخصين آخرين جراء الغارة.
ويعتبر التخلص من الجعبري ضربة موجعة للنفوذ الإيراني في قطاع غزة وتحجيما لنفوذ الموالين لها أمثال محمود الزهار وقيادات حمساوية تقف ضد مشاريع التهدئة في القطاع. وتخشى القيادات المحسوبة على كتائب القسام أن يمثل غياب الجعبري عن المسرح السياسي في غزة بداية لتسلل الكثير من العمليات إلى حركات اسلامية اخرى أهمها الخلايا المحسوبة على التيار السلفي.
ويعتبر الجعبري من أبرز قادة كتائب القسام ويشغل منصب نائب القائد العام للكتائب أحمد الضيف لكنه القائد الفعلي منذ إصابة الأخير بجروح في غارة إسرائيلية عام 2003. ويطلق عليه اسم "رئيس أركان حركة حماس" في قطاع غزة، ويعد من أبرز المطلوبين لإسرائيل.
وقال متابعون إن إسرائيل نجحت في تصفية أحد أبرز القيادات الفلسطينية التي ما تزال تؤمن بالمواجهة العسكرية، وأن هذه الضربة ستجعل حماس تقترب أكثر فأكثر من فتح بتبني خيار الحلول السياسية وإدارة الظهر لخيار المقاومة.
ويضيف هؤلاء أن الجعبري يُعرف في غزة بأنه الرجل المقرب من إيران، وأن له صلات بحزب الله الذي كان الممول الأساسي لحماس بالأسلحة قبل أن تغيّر ولاءاتها إثر انطلاق الاحتجاجات في سوريا بداية 2011.
واعتبر المتابعون أن وفاته ضربة موجعة للأذرع الإيرانية في الداخل الفلسطيني، خاصة أن حماس بدأت تطارد المجموعات المسلحة وتصادر أسلحتها، وتعتقل عناصرها، وكان الجعبري سيد الموقف في غزة حيث رفض الركض في سياق خيار التهدئة الذي فرضه المرشد العام في القاهرة على حماس باعتبارها فرعا من فروع التنظيم الدولي للإخوان الذي يشرف عليه. وتشير معلومات "العرب" إلى أن الجعبري وقف بجوار الزهار ضد السيطرة القطرية على "حماس" ونأى بنفسه عن الترحيب بأمير قطر خلال زيارته مؤخرا لغزة.
وتشير مصادر في غزة إلى أن الجعبري وقادة الصف الثاني داخل كتائب القسام كانوا يتولون فرملة قادة الحركة السياسيين الذين أصبحوا يفكرون فقط في ربط قنوات التواصل مع واشنطن وعواصم غربية متعددة بحثا عن اعتراف بحكمهم في غزة.
ولا تستبعد المصادر أن تكون نهاية الجعبري فرصة أمام القيادات السياسية للحركة كي تنخرط في لعبة الترضيات التي تخطط لها قطر وينفذها إخوان مصر بحماس شديد، وتستهدف هذه السياسة طمأنة الولايات المتحدة على أن الإخوان لن يكونوا خصوما لها، وأنهم سيحافظون على مصالحها مقابل القبول بحكمهم لدول بالمنطقة.
ويعتبر مراقبون للشأن الفلسطيني أن الولايات المتحدة التي تتصرف دائما وفق المصالح الإسرائيلية، لا تعارض الانفتاح على حماس حتى تضغط على الرئيس الفلسيطيني محمود عباس ليتراجع عن فكرة التوجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة بدولة تحمل صفة المراقب لا أكثر.
وكان محللون قد أكدوا أن زيارة أمير قطر إلى غزة، وإطلاقه سلسلة من وعود الإعمار تأتي في سياق خطة "يشترك فيها إخوان مصر" لترويض حماس ودفعها إلى التخلي عن الخطاب العدائي لإسرائيل، والتضييق على المجموعات التي ما تزال ترفع شعار المقاومة.
وقال هؤلاء إن واشنطن لا تطالب باعتراف سريع من حماس بإسرائيل، وإنما تحديد سقف الخطاب، على أن يكون الاعتراف لاحقا، وهي صيغة ترضي القيادات السياسية في الحركة التي تريد أن تتفاوض سرا، وترفض الاعتراف والتنسيق علنا.
وتتهم إسرائيل الجعبري بالمسؤولية عن عدد كبير من العمليات المسلحة ضدها وكان نجا من عدة محاولات اغتيال أبرزها في عام 2004 عندما استهدف منزله واستشهد حينها نجله الكبير محمد وثلاثة من أقاربه.
وسبق أن اعتقل الجعبري و أودع سجون إسرائيل عام 1982 على خلفية انتمائه إلى حركة "فتح" حيث أمضى 13 عاماً داخل سجون إسرائيل.
ولعب الجعبري الدور الأبرز داخل حركة حماس في عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في حزيران/يونيو 2005 ومن ثم إبرام صفقة تبادل الأسرى في تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر من العام 2011 مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.