ما بين القاعدة السعودية والقمة اليمنية

يستغرب المتابع لما يجري الآن من مواجهات حربية ما بين عشرة ألوية من الجيش الرسمي المدعوم بالآلاف ممن أسموهم باللجان الشعبية ضد مجموعة من عناصر القاعدة الذين يطلقون على أنفسهم ( أنصار الشريعة) في مدينة زنجبار عاصمة أبين وفي جعار وفي لودر والبيضاء، إضافة إلى تتبعهم في مأرب والجوف وفي الكثير من المناطق اليمنية إلى حد إعلان حالة التأهب القصوى في العاصمة صنعاء بعد عدن، خوفا من حدوث عمليات انتحارية، وإذا عدنا إلى الماضي القريب سنجد أن عناصر القاعدة قد نفذوا عمليات انتحارية عديدة ضد السواح وضد السفارات في صنعاء وفي مأرب وفي مناطق مختلفة، كما أن الكثير منهم في السجون بعد أن فر منهم من فر حتى من أقوى السجون تحصينا وحراسة كسجن الأمن السياسي بصنعاء، والغريب أن الدولة بكل قوتها التي استعانت بالقوات الأمريكية لم تستطع أن تقضي عليهم، وتخرجهم من عاصمة إحدى المحافظات التي أعلنوا فيها إمارتهم الإسلامية، إنه موقف محير للذي لا يعلم بالمسبب الحقيقي لفشل الجيش والأمن أمام هذه العصابات الصغيرة.
ولوعدنا قليلا لوجدنا أن الإعلام كان قد نقل لنا صورة ظاهرية عن نشاط القاعدة في السعودية التي طردتهم في وقت قياسي إلى أن أدخلتهم نقطة تماس الحدود اليمنية، وأعلنت خلوها منهم، واليوم نجد وزير الداخلية اليمنية يعلن في مقابلة صحفية أنه لن يسمح بعودة أي عنصر من القاعدة إلى السعودية مهما كلفه ذلك من ثمن، فهو هنا يقدم مسئوليته عن أمن السعودية قبل أمن اليمن، وإذا تتبعنا جذور القاعدة فسنجدها من صنيعة التعليم السعودي فما من عنصر من عناصر القاعدة إلا وهو متخرج من مدارس وجامعات السعودية أو على يد متخرج منها أو من فروعها في البلدان الأخرى كجامعة الإيمان في اليمن بفروعها في المحافظات، ومن هنا فإن السعودية هي التي خلقت عناصر القاعدة وصدرت بها إلى اليمن وكأنها مقلب زبالة تعاليم آل سعود، وفوق هذا لم نعاتب السعودية على صنيعتها هذه بل نتعهد بحماية حدودها من أي متسلل قد ينوي العودة من حيث أتى، هكذا سمعنا عبدالقادر قحطان وسمعنا قبله وزراء النظام السابق مما يؤكد أن أي وزير يمني يكون همه الأول خدمة السعودية أكثر مما تخدمه اليمن.
بهذا يصل المتابع إلى نتيجة أن السعودية تصنع السموم وتصدر بها إلى اليمن وتمنع عودة حتى التالف منها إلى بلد المنشأ، فهي صناعة مقصودة متجددة لتشغلنا بمقاومتها بشكل متواصل حتى لا نفكر في أي شيء قد يرفع دخل الفرد اليمني أو في أي أرض قد نزعتها منا، فيما تبقى هي في جبل التفرجة على الحالة التي فيها شعبنا وقمتنا أمام قاعدتها، ففي كل يوم نفتقد الكثير من أبناء اليمن مدنين وعسكريين أمام القاعدة السعودية، وندمر العديد من المنشاءات العامة، ولا نجرؤ على القول بأن السعودية هي التي صنعت وصدرت إلينا هذا الوباء الملزمون بحمايتها وتحصينها منه. بل أننا نتسابق في إعلان الولاء للسعودية، فليس من طامح لمنصب أو خائف من فقدانه إياه إلا وهو يبذل كلما في وسعه ليثبت للسعودية أنه أحرص من غيره على أمنها واستقرارها حتى ولو وصل الأمر به إلى إحراق الشعب اليمني في سبيل إرضاء السعودية. نخلص مما سبق إلى أن اليمن بحاجة لخطة تحررها من نير الغول السعودي قبل أن تفكر في أي خطة سياسية أو تنموية داخلية، فمن العيب أن ندعي أننا أصحاب حضارة ونرى أن أحدث دولة تسيرنا بريموت سفير قاعدتها كيفما تشاء وتقتلنا بأيدينا داخل بلدنا حيثما تشاء وبالكيفية التي تفضلها.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.