رعاديد

عرفت الأمم المتحدة العدالة الانتقالية بأنها: "كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة.".
في فريق العدالة الانتقالية داخل الحوار الوطني هناك من جعل من نفسه حائط صد دفاعاً عن قدسية اشخاص تئن سجلاتهم من حجم الانتهاكات التي ارتكبوها بحق الإنسان.
شاءت لي الاقدار ان ازو...ر قاعة الفريق لأمر ما، وصادف دخولي حديث صاخب حول عدم احقية ابناء الشمال بالحديث عن صراعات الجنوب، تعجبت لذلك، وايقنت ان كثير من القوى السياسية المتورطة في ارتكاب الجرائم، قد دفعت الى عضوية فريق العدالة الانتقالية لتمثيلها بـ"مطبات" و "معيقات" في صور بشر، هم مجرد كُتل لحمية تئن منها كراسي القاعة لا يجيدون الا الاعتراض والصراخ. يسكنهم وهم ساذج بقدرتهم على تعطيل العدالة الانتقالية ومحطتها الاولى المتمثلة في معرفة الحقيقة كأساس للعدالة المنتظرة، بعيداً عن مشروع قانون احزاب حكومة الوفاق الوطني الذي هو في حقيقته مجرد قانون للمصالحة السياسية بين فرقاء تلك الصراعات.
اعتقد ان المعيار في التعاطي مع قضايا العدالة الانتقالية هو الانسان الذي وقع عليه الانتهاك بعيداً عن جغرافيته او جغرافية القائم بالانتهاك، وحتى جغرافية المدافع عن حقوق الانسان. ولنذكر هؤلاء بأن من ابرز خصائص حقوق الانسان عالميتها وشموليتها وعدم قابليته للتجزئة او التصرف بها.
المتعطشون لمعرفة الحقيقة داخل فريق العدال الانتقالية عليهم ان ينظموا صفوفهم في اطار "كتلة الحقيقة" حتى يظهرون اكثر قوة وتماسك في مواجهة "رعاديد" يتساوون مع الكراسي التي يجلسون عليها بجوارهم، وان كانت الكراسي تتفوق عليهم بثباتها على الارض بينما هؤلاء ترتعد فرائصهم وشعر رؤوسهم كلما وقف ناشط حقوقي يتحدث برأس شامخة تعانق عنان السماء عن حقائق تاريخية وشهادات حية لا يمكن المساس بها ستقود المنتهكين في نهاية المطاف الى ساحة العدالة إن عاجلاً او آجلاً.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
17 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.