السعودية وقطر ومعركة البحث عن الذات

 قد تكون السعودية ببساطة شديدة وبعد أن أخفقت في إحراز نصرٍ حقيقيٍ لها في اليمن قد ذهبت تبحث عن ذلك النصر الذي تواري به سوءتها في قطر !

نعم تستطيع هي ومصر والإمارات ومن وراءهم ابتلاع قطر خاصةً بعد أن تمكنوا من إقناع ترامب من ان قطر هي أحد مغذيي وداعمي الإرهاب الرئيسيين في المنطقة إلا أنهم على ما يبدو لا ينوون ذلك تخوفاً من المجهول وتفادياً للفخ الذي وقع فيه العراق عندما ظن في بداية تسعينيات القرن الماضي أن الأمريكان لن يتدخلوا إذا ما قام بإجتياح الكويت وذلك بناءً على تصريحات أمريكية سابقة تقول بأنه لا يوجد بينهم وبين الكويت إتفاقية دفاعٍ مشترك، فكان ذلك هو الفخ الذي قاد العراق والمنطقة إلى ما هي عليه اليوم ! على أية حال، يبدو أن ما تعتزم فعله السعودية ومن معها في المسأله القطرية هو الدفع بإتجاه الإطاحة بالأمير القطري الحالي وتنصيب أميرٍ من نفس أسرة آل ثاني موالٍ للسعودية خاصةً وأن في السعودية يقيم أمراء قطريون معارضون !

وبذلك تكون السعودية قد حصلت على ما تريد من قطر وفي نفس الوقت لم تتجاوز المسموح به أمريكياً للتدخل في قطر على خلفية طبعاً إتفاقيات النصف تريليون دولار ! قطر بدورها يبدو أنها اختارت منذ البداية طريق التهدئة ومحاولة إمتصاص غضب السعودية ومن معها للحيلولة دون القادم الأسوأ إلا ان فرصها في ذلك قد بدأت تتضاءل مع إصرار الطرف الآخر على تضييق الخناق عليها ولذلك فإنه لم يعد أمامها سوى خياران إثنان أحلاهما مُرٌّ كما يقولون ؛ المواجهة أو الإنبطاح خاصةً وأن كل المؤشرات على ما يبدو تشير بأن محاولات الوساطة لن يكتب لها النجاح وحتى وإن كتب لها نجاحٌ محدود فإنه لن يكون سوى بمثابة ترحيلٍ قصير المدى للأزمة ليس إلا !

الجدير بالذكر أنه لا يوجد سوى الوساطة الكويتية التى تعمل جاهدةً بإخلاص لنزع فتيل الأزمة،وأما ما يتردد عن وجود إستعداد أمريكي للعب دور الوساطة فإنه لا يعدو عن كونه مجرد إبرازٍ لمبدأ حسن النوايا والذي يخفي وراءه فصول المؤامرة ! عموماً من المستبعد أن تختار قطر خيار الإنبطاح لأنها تعي جيداً ماذا يعني لها ذلك بعد أن بلغت من الشهرة والمجد كما تعتقد ما جعلها تزاحم الكبار من أقرانها وجيرانها وتتبوأ مكانة لا بأس بها بين الدول، لذلك فإنها قد تلجأ مضطرةً إلى خيار المواجهة معتمدةً في ذلك على عناصر قوةٍ لديها أهمها المال الوفير وماكنتها الإعلامية الضخمة ممثلةً بقناة الجزيرة وكذلك اللعب على بعض الأوراق المؤثرة في المنطقة كالقضية اليمنية والسورية، وأما ما يقال عن تعويلها على قاعدة العيديد الأمريكية الموجودة على أراضيها فإنها تعلم في قرارة نفسها أن الأمريكيين لا عهد لهم وقد ينقلبون عليها خاصةً إذا كان الأمريكيون يمثلون الجانب الخفي من المؤامرة !

كذلك الأمر بالنسبة لإيران وتركيا والتي تربطهما إتفاقيات دفاعٍ مشتركٍ مع قطر فلن يقدمان لقطر أكثر من الدعم الإعلامي والمعنوي فقط لإعتباراتٍ عديدة أهمها وجود المكبح الأمريكي على خط الأزمة وكذلك عدم استعدادهما الدخول في حربٍ لأجل تثبيت نظامٍ لم يعد مرغوباً به في منطقته وبين جيرانه حتى ولو كان حليفاً لهما وذلك لعدم تأثرهما بوجوده أو سقوطه ! بصراحة الأيام القادمة حافلة بالكثير من المتغيرات، فهل تستطيع قطر الصمود في وجه عواصف بني سعود كما صمد اليمنيون أم أن السعودية ستجد في قطر ضالتها التي لم تجدها في اليمن ؟! من يدري ؟!

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
1 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.