كم أفتقدك يا عبدالقدوس

بالرغم من علاقته الواسعة إلا أنه كان أبعد الناس عن حب الظهور، ويلعب دوراً هاماً بالحياة السياسية لكن لا يحب أن يكون بالواجهة، ذلك هو الدكتور عبدالقدوس المضواحي. الرجل ذو الإبتسامة المريحة والضحكة الصادقة، عرفته منذ عقدين من الزمان، أخاً كبيراً وصديقاً وأستاذاً يقتحمك بإبتسامة ويأسرك بود. بعد حرب 94م، كان من أهم السياسيين الذي أعادوا للملمة شتات المعارضة، وتنظيمها، ولعب بعلاقته الطيبة دوراً مهماً وأساسياً في إنشاء التكتل الوطني للمعارضة والإنتقال إلى مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة ثم اللقاء المشترك. كان بيته يستضيف الإجتماعات، واللقاءات التشاورية، وكان يطلق الأستاذ عمر الجاوي على الدكتور عبدالقدوس لقب (النطاسي). وكان النطاسي بدون تكلفة قادر أن يشعر الكل أنه صديقٌ حميم، والأقرب للقلب. وبقدر حرصه على شئ يسمى الصف الوطني لكنه لم يكن للحد الذي يمنعه من تحديد موقف، وحصيفاً إلى درجة تجعله سلبياً أو منافقاً. يمتص غضبك أو يضحك ويغضب برفق. ناصرياً ملتزماً، لكن بداخله قواسم مشتركة مع الجميع، تختلف معه وتنتقده لكن لا تستطيع أن تكرهه. وتغيب عنه ويغيب عنك وأنت تشعر أنك على موعدٍ مع إبتسامته وعلى ثقة أنك ستلقاه بنفس المشاعر. قبل وفاته بشهر تواصلت معه بالقاهرة، كان يحكي لي عن ما طلبه الطبيب منه، وأجيبه قائلاً : وصدقته جد. ولأول مرة أشعر أنه كان جاداً بالحديث عن مخاوف الطبيب، لكنه رغم ذلك لم تفته أن يطلق ضحكته العالية. لم يكن في السنة الأخيرة راضياً أحياناً، وإستمر قلبه مملوئاً بهم وطن وحلم شعب. قلباً لم يجهده النضال ولم يتعبه الحلم ولم تهزه الإنكسارات. أفتقد عبدالقدوس وإبتسامته وضحكته وموقفه، إنه من قلة يشعرك وجودهم بالأمان، قلة تشعر برحيلهم أنك صاحب العزاء ويسكنك الحزن لخسارته... رحمك الله يا عبدالقدوس كم أفتقدك..

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
7 + 11 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.