العلاّمة سهل بن عقيل: ولاة الأمر موظفين لدى السفير الأمريكي وخاصة في بلادنا اليمن

في حوار شيق ومثير تحدث مفتي (تعز – اليمن) العلامة سهل بن عقيل بجرأته المعهودة في مقابلة مع ( الشوكة برس ) عن المرجعية الدينية والإعلام ووصف المشهد الديني في اليمن وقارن بين حزب الله وأنصار الله وفنّد تجارة الدين والقيم ومبدأ فصل الدين عن الدولة..

فإلى الحوار مع ضيفنا العلامة الذي درس في القاهرة وعدن وتخرج من الجامعة الأمريكية ( لبنان بيروت) في ستينات القرن الماضي.
حوار – اسكندر شاهر
الشوكة برس - كيف تقرؤون المشهد الديني في اليمن في ظل التطورات اللافتة في الفترة الأخيرة؟
اليمن تمر في مرحلة خطيرة تتنازعها أحزاب عبارة عن عصابات وهي في حد ذاتها سبب هذا البلاء العظيم الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية ككل وهذه الأحزاب جميعها وان اختلفت مشاربها هي تعمل في سبيل إنجاح المخططات الصهيونية في تمزيق الأمة الإسلامية والعربية تقريبا في كل البلدان وبدأت الأقنعة تتمزق عن وجوهها الكالحة ومصادر تمويلها وبلا شك هي الجمعيات الماسونية في كل بلد فهي تدفع للجميع بغية إنفاذ السياسة القائمة على النظرية (كل الطرق تؤدي إلى روما) ,(الغاية تبرر الوسيلة) ومن خلال هذه النظرة الشخصية لي أنا لمثل هذه الأحزاب ومعطياتها والمخرجات عنها جوع وفقر وتمزيق وتظليل فنحن إذا عدنا إلى الوراء في الستينات والسبعينات وحتى التسعينات من القرن العشرين لوجدنا أن الحروب التي قامت على الساحة العربية والإسلامية تؤيد هذه النظرة وهي بلا شك لتجذير وتعميق البقاء الانجلوصهيوني في جميع المناطق العربية والإسلامية وخاصة في الجزيرة العربية والخليج والعراق وما يحدث في سوريا ومصر وما سيحدث هو إعلان واضح لا يحتاج إلى تحليل أو إلى كشف عن نوايا الدول الاستعمارية في كل أنحاء العالم. وأما المشهد الديني لا في اليمن خاصة بل في كل الدول العربية والإسلامية أصبح تجار دين وبيع قيم وكما قال المعري رحمه الله في اللاذقية ضجة ما بين احمد والمسيح.
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح ونحن نقول ليس كل الداعين باسم الإسلام هم من هذه الفئة الضالة المضلة والتي ذهبت إلى أبعد ما يصل أعداء الإسلام في محاربته وقتل معتنقيه بكافة الوسائل الجسدية والثقافية والاقتصادية وأنتم بلا شك أمامكم صفحات الفيسبوك وجميع مواقع التواصل الاجتماعي والتي تظهر لكم ما يحدث في كل أنحاء العالم وان التنافس لا يكون إلا لأخذ ما بيد الضعفاء من مقدرات بكافة السبل وأما الأقوياء فلا يكون التنافس على ما في أيديهم والأدهى من ذلك انّ معاول الهدم الحسي والمعنوي هم ولآت أمر المسلمين إنا لله وإنا إليه راجعون.
الشوكة برس -هل أنتم مع وجود مرجعية دينية للبلد وهل تشكلها الدولة / السلطة ، أم أن الإطار الأسلم أن تتشكل عبر قنوات أخرى وما هو الأنسب لوضع اليمن من خلال توليفته الدينية الراهنة ؟
إن المرجعيات الدينية الموثوق بها والتي يجب أن تتحمل المسؤولية بكفاءة بما يأمر به الإسلام وشريعته والتي يجب أن تتمتع بالموسوعية العلمية في كافة المجالات لكي تكون القيادة الناجحة لمعرفة ما يجب أن يكون الآن في واقع بناء المستقبل على أسس سليمة للمجتمع بمعرفة أمراضه وإحباطاته ودائه ودوائه منطلقة الفكر مع واقع الحياة في القرن الحادي والعشرين والتغيرات المتسارعة في جميع نواحي الأحداث المعلوماتية والاقتصادية وما الى ذلك هي بلا شك غير موجودة الآن في اليمن وان وجدت بعض إشراقات فهي عبارة عن بذور لومضات نور في ظلمات مدلهمات نعيشها واقع معدم الثقة في كل المجالات من قبل العامة بمن يتصدرون الآن يكونوا منابر دعاة وإشراق تضيء منار الصراط المستقيم لبناء امة وتخليصها من واقعها الأليم .
الشوكة برس - كيف تقيمون الصراع على أساس مذهبي الذي بدأ يتوسع في اليمن وما هي آفاقه في ظل معطيات الواقع ؟
نقول إجابة على هذا السؤال كما يقول الفقهاء العامي لا مذهب له وان الصراع الحقيقي للشعب اليمني هو في الواقع وجود هذه الأحزاب والعصابات التي تستنصر وتدعوا القوى الأجنبية لإهدار كرامة الأمة واستغلال مقدراتها وبناء قواعد عسكرية انجلوصهيونية لحماية عروش مهترئة أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن في الواقع وأصبح ولاة الأمر عبارة عن موظفين لدى السفير الأمريكي وخاصة في بلادنا اليمن.
الشوكة برس – ما رأيكم بالانتشار اللافت لجماعة أنصار الله في تعز والذي تتحدث عنه أوساط إعلامية ؟
أولا ان حوث وصعدة جزء لا يتجزأ من اليمن وهم بلا شك مسلمون يشهدون أنّ لا اله إلا الله محمد رسول الله وهم بحق الصخرة المنيعة التي تتحطم عليها رؤوس العملاء في اليمن وان هذه الفئة القليلة والتي تسمي نفسها أنصار الله تعرضت لستة حروب قاتلة ماحقة ساحقة للحرث والنسل اشترك فيها العملاء داخل اليمن والانجلوصهيونية وأحذيتها في الجزيرة العربية بكل ما أوتوا من قوة حتى أصبحت هذه الحروب الست أحلاف مترابطة ضد هذه الفئة القليلة التي تسمي نفسها أنصار الله ولازالت هذه الحروب قائمة عليهم في كل المناحي وهم كما يقول الشاعر . يا ناطح الجبل العالي لتهدمه….أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل فهيهات منهم الذلة . صدق توجههم لتحرير اليمن في جميع المناحي جذب القلوب إليهم حتى أصبح المناوئون لهم يمدون أيديهم إليهم للانضمام وحسب توقعي الشخصي ان ما حدث في اليمن من اغتيالات شخصية لرموز وتصفية للجيش ونفخ أبواق الفتنة المذهبية والطائفية والعنصرية كلها تبوء بالفشل ضد أنصار الله وهم بلا شك في الوضع القائم الآن لحزب الله في لبنان ومن هنا على الرائي أن ينظر إلى التأثير الكبير لحزب الله في الشرق الأوسط وفي البلدان العربية وظني ان أنصار الله هم الوجه الآخر لنفس العملة في الجزيرة العربية التي اليمن في جنوبها فلابد أن تنتشر هذه الدعوة لأنصار الله لا في اليمن جنوبه وشماله بل جميع أنحاء الجزيرة العربية لأنها تدعوا لاقتلاع بؤر الفساد وطرد القواعد الانجلوصهيونية التي تعمل لإذلال الأمة العربية وذلك باقتلاع جذور الفساد دون المفسدين ونحن قد عانينا الكثير ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز.
الشوكة برس - التفكير والتكفير يظهران كعلامتين بارزتين لكثير من أوجه الصراع الناشب في أوساط الأمة العربية والإسلامية واليمن جزءا منها ؟ كيف تقرؤون ذلك ؟
الجماعات التكفيرية التي يمولها العملاء بالمال والسلاح والرجال وتظاهرهم إسرائيل بالفعل والتخطيط والتوجيه فنحن نرى أعمالهم تدل عليها كما قال الشاعر . تلك أعمالنا تدل علينا …فانظروا بعدنا إلى الآثار وان أعمالهم وآثارهم لن تغفرها الأمة الإسلامية ولا التاريخ فلا غفران لهم من الله ولا من عباده فهم أس البلاء وممولهم بالمال والسلاح هم الآن مزبلة التاريخ ولعنة الأمم .
الشوكة برس -هل لا يزال لخط الاعتدال والوسطية حضور في زحمة التكفير والتخندق المذهبي والطائفي الذي يتوسع تباعاً ؟
نقول ليس هناك وسطية بين الحق والباطل فإما حق وإما باطل ولا بين العدل والظلم فإما عدل تستقيم به شوكة الميزان بين كفتيه تميل إحداهما للحق فنسميه حق أو تميل الكفة الأخرى إلى الباطل فنسميه باطل إذن فليس هناك وسطية بينهما وكذلك نقول ليس هناك وسطية بين الإيمان والكفر فإما إيمان صحيح أو كفر صريح والوسطية بين الإيمان والكفر هو نفاق والنفاق اشد أنواع الكفر إذ ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى. يتبعه
الشوكة برس -ماذا يعني مبدأ فصل الدين عن الدولة بالنسبة للعلامة سهل ؟
هذه المقولة بدأت في بداية عصر النهضة في أوروبا وانك لو نظرت إلى تاريخ الكنيسة وأفعالها ضد العلماء وأصحاب الرأي والمنطلقين مع الحياة على أسس تجريدية مادية لوجدت أنّ تاريخ الكنيسة يدعوا إلى تجهيل الإنسان في جميع مناحي الحياة للحفاظ على مصلحة الكهنة والكهنوت القائم في الكنيسة في تلك العصور ولولا هذه النظرة التي قام بها التحرريون في الغرب حسب ما رأوه من تصرفات كنسية في حق المجتمعات لما قامت هذه النظرية في الغرب ومن خلال هذه النظرة لا يجب أن نطبق ما يدعو إليه أصحاب النهضة في أوروبا على ديننا الإسلامي فعلينا أولا أن نقرأ تاريخ الإسلام منذ بدايته في مكة والمدينة وانتشاره في جميع أنحاء المعمورة وان ندرس كتاب الله ونعرف معانيه وما يصبو إليه من حياة سعيدة للفرد والأسرة والمجتمع وكذا الدولة وكذا التعامل مع الآخرين وان نقرأ أول كلمه أوحى الله بها إلى نبيه سيد محمد صل الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وهي كلمة (إقرأ) ومعناها التجريدي إنظر لجميع حواسك السمعية والبصرية والشم والمس والعقل الحسي والمعنوي الذي هو وجداني وانظر إلى نفسك ووجدانك وما هو حولك من العالم والى من مضى قبلك والى ما يأتي بعدك انظر إلى كل ذالك بعين المعرفة المنطقية التجريدية وكذا لمعرفه الوجدانية فانه بذالك نكسب الاعتدال وتصير خليفة الله في أرضه لان الله عندما استخلف ادم وعلم آدم الأسماء كلها …. وبذالك جعل الله ادم وذريته سادة على هذا الكون وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض والتسخير لا يكون إلا بالعلم والمعرفة لا باتي اعتباط فمن يهدم الجبل باله عرف أن قوته اقل من ان تهدمه ومن صعد إلى السماء عرف أن قوته الذاتية لا تستطيع أن تطير إلى السماء ومن غاص إلى أعماق البحار عرف أن قدرته الذاتية لا تستطيع ذالك ومن استطاع أن يكشف أسرار الكون وان يستخدم ما كان في الماضي مستحيلا أصبح الآن واقع وما يصبح واقع الآن يصبح باليا في المستقبل وهذا كله لم يأتي اعتباطا وإنما أتى بكلمة (إقرأ) من الرب الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم وكلما زاد علما اتسع مجال التسخير له قال تعالى قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك هذا هو الإسلام وهذا هو منهجه سعادة لا متناهية وبناء للإنسان وما في الكون ورحمة للعالمين لا تجهيل وتضليل وسفك دماء ودجل وجهل وأخبث الكذب ما يكون على الله وهم الذين يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله .
الشوكة برس -كيف هي علاقة العلامة سهل بالإعلام وما تقييمكم لوضع إعلامنا؟
إن الإعلام هو الشيء الذي يغير حياة البشر والمجتمع وهو النور الذي يضيء حياة الناس وقد قال الله هذا بلا غ للناس وأذن بالناس وأدعو إلى سبيل ربك.. والى غير ذلك من الآيات . الإعلام الآن تجارة وما كان تجارة فله عيوبه وله سمومه وأما الإعلام المتجرد لإحياء الأمة وتحررها وتثقيفها يكاد الآن غير موجود على الواقع ولكن كثرة التضليل يؤدي إلى معرفة الحقيقة وأنا أؤمن أن ما زاد عن حده عاد الى ضده فشراء الإعلام من قبل المتنفذين والدول الاستعمارية لإبقاء مصالحهم كشفته ممارسات الواقع وقد كان في الماضي القريب يعتمد على الإعلام في إخماد ثورات الشعوب وتضليلها وتحويل مساراتها أما الآن فأصبح الإعلام إعلام عند ذاته وعند غايته ولأننا في عصر المعلومات والشعوب التي كانت في القرن العشرين والتاسع عشر هي ليست الشعوب التي في القرن الواحد والعشرين رغم تراكم الأحداث التآمرية عليها.
الشوكة برس – تم إيقافكم في مطار صنعاء عند عودتكم من بيروت مؤخرا ؟ هل لنا أن نعرف أكثر عن حقيقة هذه المسألة التي تداولتها وسائل إعلامية ؟
كان ذلك التوقيف للأخ والولد عدنان أحمد يحيى الجنيد الذي أُوقف دون سبب وطلبه جهاز الأمن القومي والسياسي للتحقيق معه وختم جوازه بالأحمر رغم دعوتنا للخروج من المطار وتهيئة الأسباب لنا في ذالك إلا أننا رفضنا الخروج من المطار إلا بزميلنا ورفيقنا الولد عدنان وقد تعرضنا بصورة مباشرة وغير مباشره انه سيلقى القبض علينا أن لم نخرج من الصالة ولكنا رفضنا بشدة وأخبرناهم أن ذلك مخالف للقانون والدستور الذي يزعمونه وقلنا لهم قد سبق منكم الكثير الكثير ومن تعود على السم أكله فنحن وهبنا أنفسنا لأمتنا وبلادنا . وما كان اعتقال الولد عدنان حفظه الله إلا كما قال الشاعر: إياك اعني ففهم يا جاره .
السيرة الذاتية للعلامة سهل بن عقيل :
(نسبه: سهل بن ابراهيم بن عمر بن عقيل بن عبدالله بن عمر بن ابي بكر بن عمر بن طه بن محمد بن شيخ بن احمد بن يحيى بن حسن بن علي بن محمد مولى الدويلة بن علي بن علوي الغيور بن الفقيه المقدم محمد بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن احمد بن عيسى المهاجر بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن سيدنا علي بن ابي طالب.
ولادته: ولد الشيخ سهل في سنة 1941م في الحديدة . وتربى على يد والده العلامة الحبيب ابراهيم بن عمر بن عقيل علامة اليمن ومفتيها وأديبها من بعد وفاة والدته وهو لم يتم الحولين , فكان له أبا وكان له أما وكان له خلا.
نشأته وحياته: نشأ مقبلا على تحصيل العلوم الشرعية والاداب وآلات اللغة العربية متبسطا في علومه الى العلوم العصرية فدرس الابتدائية بالمدارس الأحمدية في تعز نشيطا نهما متطلعا للثقافة العامة مع اخذ الاعتبار لدروسه عند مشائخه كوالده والسيد محمد بن سليمان الاهدل وغيرهم من المشايخ الاجلاء ثم درس الثانوية في القاهرة واكمل مشواره التعليمي في عدن متلقياً عن مشائخه منهم باحميش ومحمد سالم البيحاني وعمل هناك معلما في معهد البيحاني ثم اكمل دراسته الجامعية في لبنان سنة 1968م ثم عاد الى اليمن واشتغل في التجارة ثم اشتغل ببعض الاعمال الخاصة والحكومية ولم يطب له العمل الا جوار ابيه معلما في زاوية الحبيب ابراهيم وخطيبا نائبا عنه ثم تولى الافتاء في اواخر زمان والده الحبيب العلامة السيد ابراهيم بن عمر بن عقيل لما غلب عليه المرض . ولا زال مفتياً ومعلماً وشيخاً في تعز اطال الله عمره في عافية كما لازال يمارس مشربه السياسي الذي عرف به منذ الشباب في ثورة 14 اكتوبر في ما كان يسمى باليمن الجنوبي ومواقفه السياسية الواضحة التي لم يخضع بها لرأي تيار غير تيار الحق فيما يجمع شمل الامة محارب للفساد لا يخاف في الله لومة لائم ومساهمته الفعالة في ثورة اليمن الاخيرة ولا زال مشعل نور ينير لطالبي الحق طريقهم)
السيرة الذاتية: عن موقع الشيخ على الإنترنت.