لماذا تساعد واشنطن آل سعود على تدمير اليمن؟

ترجمة : دلال إبراهيم

 

من الملاحظ أنه في كل مرة نقرأ فيها مقالا حول اليمن تنشره وسائل الإعلام الرئيسية، يتم فيه حجب أو تجاهل الدور المركزي للمملكة السعودية والولايات المتحدة (وأيضاً فرنسا وإسرائيل وبريطانيا) في تلك المأساة بشكل كامل.

وفي هذا الصدد يطالعنا مؤخراً مقال في صحيفة واشنطن بوست يدعون فيه «كيف حدثت أشياء سيئة» ويوضح المقال لنا أن «ذلك يعود إلى قصة معقدة «تتداخل فيها» القوى الإقليمية الكبرى المتحاربة والإرهاب والنفط وكارثة مناخية وشيكة الحدوث».‏

 

لا يا واشنطن بوست، إن الأمور هي أبسط من ذلك. لأن المأساة في اليمن جاءت نتيجة تدخل عسكري خارجي في شؤونها الداخلية. بدأت القصة مع ما سموه «الربيع العربي» والذي فاحت منه رائحة النفوذ الأميركي، وتكاثف مع الهجوم السعودي على اليمن في عام 2015 من أجل فرض الرئيس المفضل للرياض. وأدى ذلك إلى مقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء وتهديد الملايين منهم بالجوع والملاريا.‏

 

وقد قيل لنا إن السياسة الخارجية الأميركية ينبغي أن تعكس القيم الأميركية. وبالتالي كيف يمكن لواشنطن دعم المملكة السعودية، وهي دولة استبدادية لائحتها سوداء في مجال حقوق الإنسان في العالم، والتي ترتكب إبادة جماعية ضد الشعب اليمني بأي مقياس كان؟ وكان الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية قد حذر قبل عدة أيام أن اليمن تواجه أكبر مجاعة لم يشهد العالم مثيلا لها منذ عقود وتحصد أرواح الملايين من الضحايا. هذا بالإضافة إلى أن الصليب الأحمر يقدر أن هناك مليون شخص في اليمن مهدد بالإصابة بمرض الكوليرا المتفشي باليمن. وإن تساءلنا لماذا تفشى مرض الكوليرا في اليمن؟ فالسبب هو أن المملكة السعودية - وبدعم من الولايات المتحدة- أطبقت الحصار على اليمنيين لمنع دخول الأدوية الأساسية ووصولها إلى هذا الشعب الذي يعاني من هذا الوباء. ولذلك فهذه ليست حربا، إنه القتل الهمجي.‏

 

والحقيقة أن الولايات المتحدة تؤيد العدوان السعودي ضد اليمن من خلال تعاونها مع الجيش السعودي بكافة الأشكال، سواء بالاستهداف والاستخبارات ومبيعات الأسلحة، وأكثر من ذلك. وبذلك تكون واشنطن شريكة للجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن.‏

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تعكس حقيقة تعاون الولايات المتحدة مع المملكة السعودية في قتل أطفال اليمن القيم الأميركية؟ هل ثمة من اكترث لهذا الموضوع ؟‏

 

إن الادعاء والزعم بأننا نحارب تنظيم القاعدة في اليمن، وبالتالي شمول مشاركتنا وتورطنا في تلك الحرب بأحكام استخدام القوة الممنوحة في أعقاب اعتداءات 11 أيلول 2001 ليس له أي أساس. فقد أشارت الصحف الكبرى في العديد من المرات أن تدخل الولايات المتحدة باسم السعودية في اليمن هو بمثابة مد يد العون لتنظيم القاعدة في هذا البلد. لأن القاعدة تخوض حربا ضد أنصار الله المسيطرين على أجزاء واسعة من البلاد، وهؤلاء بدورهم متهمون بالعلاقة مع إيران. وبالتالي فنحن نحارب على الجبهة نفسها التي تقاتل فيها القاعدة في اليمن.‏

 

وكل ذلك وكأنه ليس بالكافي، حيث يبدو أن الكونغرس ليس في وضع يسمح له بأن يسأل كيف نشارك في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل. وعلى هذا الأساس اجتمع في الآونة الأخيرة بعض أعضاء الكونغرس من أصحاب الضمائر الحية من أجل تقديم اقتراح خاص بموجب القانون الخاص بسلطات الحرب الصادر عام 1973 والذي يقضي بالتصويت على مشاركتنا العسكرية المستمرة في مجازر اليمن. ولكن قادة الحزبين الأميركيين (الجمهوري والديمقراطي) اجتمعا من أجل تقويض أي محاولة للحصول على تصويت بخصوص العدوان الأميركي على اليمن. وتبين أن النواب الوحيدين الذين صوتوا ضد هذا القرار المخزي هم من أوائل النواب الذين تقدموا به. إنه التعاون بين الحزبين في ذروته.‏

 

إن مشاركة الولايات المتحدة في الجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن تعتبر عارا وطنيا. ومن المخجل والذي يندى له الجبين أن وسائل الإعلام الرئيسية لا تغطي بدقة هذه الإبادة الجماعية. ولذلك دعونا نتحد الآن للمطالبة لكي ينهي ممثلونا الأميركيون على الفور مشاركتهم الحربية في اليمن.‏