في سياق الفشل الكبير للسيطرة على المخاء،، العدوانُ وجنرالاتُ النفط يتآمرون على ميناء الحديدة!

عمَّــقَ العدوانُ الأمريكي السعودي حربَه "الجنونيةَ" على اليمن، بالتزامُنِ مع اعتلاء "ترامب" رئاسةَ البيت الأبيض في أمريكا.

ومنذ بدء العدوان على بلادنا في 26 مارس 2015 وضعت السعوديةُ وتحالُفُها الشيطاني ميناءَ الحديدة على رأس قائمة أهدافها؛ وذلك لغَرَضِ إذلال وتركيع اليمنيين وخلق حالة من الهلع والخوف لديهم؛ لتدفعهم بعد ذلك للوقوف إلى جانب العدو، لكن الشعب اليمني كان أكثرَ إدراكاً ووعياً بهذه المُخَطّطات ووقف طيلة العامين الماضين مدافعاً ومناضلاً ومسانداً لأبطال الجيش واللجان الشعبية في جميع جبهات القتال.

وخلالَ الأسبوع الماضي، عاد العدو للتلميح باستهداف ميناء الحديدة، وتكرر حديثُه أكثرَ من مرة بإقدامه على احتلال الحديدة، وبدأ بالفعل تدشينَ هذا المُخَطّط، محاولاً السيطرةَ على الساحل الغربي لليمن بدءاً بالمخاء ثم الوصول إلى الحديدة، بالتزامن مع ضغط مستمر وهجوم متواصِل على مدينة ميدي، غير أن الإعدادَ الكبيرَ والتجهيزات التي استمرت لأكثر من 9 أشهر، فشلت، واستطاع أبطال الجيش واللجان الشعبية كسر كُلّ محاولات التقدم للسيطرة على مدينة المخاء الساحلية على الرغم من الغارات العنيفة المتوحشة التي كانت تصل في بعض الأحيان لأكثر من 200 غارة.

وجاءت الضربة الموجعة للقوة البحرية بتدمير البارجة السعودية "المدينة" قبال السواحل اليمنية في 30 يناير الماضي، لتوقف جنونَ الغارات وتوحُّش بوارج الأعداء على المخاء؛ لتتقهقر بذلك البوارج وتعود أدراجَها إلى خارج المياه الإقليمية اليمنية، لكن العدوانَ عاود التلويح بقصف ميناء الحديدة وتدميره، وهو إنْ أقدم على ارتكاب هذه العمل الإجرامي فأنه بذلك سيعرّضُ الشعبَ اليمني بأكمله ليس في الشمال فحسب، بل وحتى في المحافظات الجنوبية إلى كارثة إنسانية فظيعة؛ لأن ميناءَ الحديدة هو شريانُ اليمن الوحيدُ لوصول جميع المنتجات المستوردة من الخارج إلى الداخل اليمني.

 

حصارٌ واستهدافٌ متكرر

وعقب استهداف البارجة السعودية "المدينة" تحدثت وسائلُ إعلام العدو بإسهابٍ، مدّعيةً بأن ميناءَ الحديدة يُستخدَمُ كقاعدة عسكرية تنطلق عبره الزوارقُ التابعة للجيش واللجان الشعبية لاستهداف البوارج الحربية، وَتدّعي تلك الوسائلُ أن هذه البوارج تُستخدَمُ للمراقبة أو للأغراض الإنسانية.

وندد عُمّالُ وموظفو مؤسّسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، بهذه الهجمة الإعلامية والتحريض المباشر على الميناء من قِبل وسائل إعلام دول تحالف العدوان.

وأكّدوا في بيان يوم الخميس الماضي، أن ميناء الحديدة هو ميناءٌ مدني يعتمد عليه أكثرُ من 70% من أَبْنَاء الشعب اليمني لاستيراد الغذاء والدواء وكل متطلبات الحياة.

وقال البيان إن أية محاولات لإغلاق الميناء أو تدميرِه سيؤدي إلى انتشار المجاعة والأمراض والأوبئة وسيخلق كارثة انسانية تجتاح الشعب اليمني برمته.

ومنذ بدء العدوان يفرضُ تحالُفُ العدوان الأمريكي السعودي قُيُوداً كبيراً على السفن التجارية في عرض البحر، ولا يسمح لأية سفينة تجارية بالدخول إلى ميناء الحديدة إلا بعد الاستئذان من التحالف، وبعض السفن تظلُّ لأكثر من شهر تنتظر السماح لها بالدخول، وبعض التجار أيضاً فقدوا بضائعهم بسبب هذه المعاملة اللائقة.

وقال تقريرٌ صادرٌ عن مركَز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت قبل أشهر: إن تفتيش كُلّ السفن القادمة إلى اليمن قوّض آلية الاستيراد للبضائع ووصول المساعدات الإنسانية.

ولم يكتفِ العدوانُ بالحصار على ميناء الحديدة، بل أقدم على قصفه في أغسطس من العام الماضي ودمر عدداً من الرافعات وأثر بشكل كبير على الميناء وفي استقباله للكثير من السفن التجارية، كما جعلته يعاني من قصور كبير في تناول البضائع من المواد الغذائية والأدوية التي يحتاجها أكثر من 70% من أَبْنَاء الشعب اليمني

 

وزارة الصناعة: الشعب اليمني بأكمله متضرر

ويؤكد وكيل وزارة الصناعة والتجارة عبدُالإله يحيى شيبان، أن ميناءَ الحديدة تأثّر بشكل كبير جراء حصار تحالف العدوان والقصف المباشر خلال العامين الماضيين.

وقال شيبان في تصريح خاص لـ "صدى المسيرة": إن أيَّ استهداف للموانئ اليمنية يؤثر بصورة مباشرة على كافة الأنشطة الاقتصادية في بلادنا، سواء كان ذلك من خلال الاستهداف المباشر كما حصل لمينائي الحديدة والمخاء أو بالحصار، الذي يكلّف الاقتصادَ اليمني أعباءً كثيرةً.

وأضاف شيبان بالقول: "جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية تأثر بشكل مباشر مع بداية العدوان، حيث زادت الكلفة الانتاجية وتوقف تدفّق المواد الخام المستورد الذي تعتمدُ عليه الكثيرُ من المنشآت الصناعية في اليمن، مشيراً إلى أن الكثيرَ من المواد سواءٌ أكانت غذائيةً أو صناعات بلاستيكية أو أية صناعات أخرى معتمدة على استيراد المواد من خارج البلد".

ولفت إلى أن الأنشطة الصناعية كذلك تأثّرت جراء استهداف وحصار ميناء الحديدة، وأن أزمةَ المشتقات النفطية التي هي قائمة بفعل الحصار الاقتصادي أثّرت على الأنشطة الاقتصادية بصورة مباشرة، حيث توقفت الكثيرُ من الأنشطة، والبعض توقفت فيه ساعاتٌ من الإنتاج، كما أثّر الحصار على فرص العمل، وفقد آلافُ المواطنين وظائفَهم التي كانت متوفرةً لهم وتلاها فقد آلاف العمال الآخرين وظائفَهم، الذين كانت لديهم أعمال مستمرة.

وأشار وكيلُ وزارة التجارة والصناعة، إلى أن قصف ميناء الحديدة سابقاً أثّر بشكل مباشر على عملية الاستيراد لمختلف المواد من الخارج، وأدّى إلى زيادة كلفة المواد المستوردة، وهو ما أثّر على وضع النشاط الاقتصادي والتجاري والصناعي، وأدى إلى ارتفاع الأسعار وقلّة العرض الذي حصل لبعض المواد، كما تسبّب الحصار في خروج بعض السلع من السوق وكذلك عندما حصل القصف لميناء الحديدة أدى إلى توقف أنشطة اقتصادية متعددة.

ويحذّرُ شيبان من أيّ استهداف قادم على ميناء الحديدة، مشيراً إلى أنه سيزيدُ من معاناة الشعب اليمني وسيضاعف المأساة، مؤكداً أن الضررَ في هذه الحالة لن يقتصر على المواطنين اليمنيين في المحافظات الشمالية أو في المناطق التي يسيطرُ عليها أبطالُ الجيش واللجان الشعبية، بل سيعُــمُّ الضرَرُ الشعبَ اليمني بأكمله؛ لأن المنتجات ستتأثَّرُ بفعل القصف- لو حصل- وهي المنتجاتُ التي تأتي إلى ميناء الحديدة ومن ثم يتم تسويقها إلى كافة المحافظات وتعود فائدتها على كافة المستهلكين في ربوع الوطن.

ويؤكد وكيل وزارة التجارة والصناعة أن ميناءَ عدن غيرُ آمن، ولم تستطع السلطة المحلية هناك الواقعة تحت سلطة الاحتلال من تأمين حتى بوابته، وبالتالي لن يكون خيارٌ بديلٌ عن ميناء الحديدة.

ويبعث شيبان رسالةَ تطمين للشعب اليمني ويؤكد لهم بأن الاحتياطي من المواد الغذائية متوفر، سواء في الصوامع أو في مخازن المستوردين، أو في مخازن تجار الجملة.

وأضاف قائلاً: "لا قلق في شحة أية مواد، فالسلع متوفرة والمخازن متوفرة وما يحدث الآن هي ارهاصات إعلامية تأتي في إطار الحرب".

 

جنرالاتُ النفط

اسْتهدَافُ الميناء هدفٌ مشتركٌ لجنرالات النفط وأرباب السوق السوداء أيضاً، فاستمرار الحركة الملاحية في الميناء الذي يستقبل 80% من واردات اليمن من النفط، تسببت بركود حاد في سوق المشتقات النفطية المصدرة من دولة العدوان السعودي بغرض بيعها بالريال اليمني وتمويل جبهات المرتزقة، فمنذ أن استأنف الميناء استقبال الشحنات النفطية رغم الاتاوات التي يدفعها تجار النفط لمقربون من هادي والتي تتباين ما بين الـ 200 ـ 500 ألف دولار مقابل السماح لهم بالاستيراد ومنحهم تراخيص استيراد، توقف الاقبال على المعروض من النفط القادم من منفذ الوديعة البري، وكذلك الكميات النفطية التي تدخل بأسماء قيادات عسكرية كبيرة موالية لهادي من منفذ خراخير الواقع ما بين حضرموت والمهرة، فتجار صنعاء الذين كانوا يقطعون أكثر من ألف كيلو متر لشراء المشتقات النفطية من مدينة الشحر غرب المكلا، توقفوا كما عزف الآلاف من التجار عن الشراء من الأَسْوَاق السوداء التي تتواجد بكثافة ما بين خط العبر ـ الوديعة وكذلك على خط الرويك صافر، وأصبح استيراد المشتقات النفطية رسمياً كان يغطي البنك المركزي وارداته بالدولار ويفتح اعتمادات مستندية للمستوردين، ورغم نقل البنك المركزي لايزال النفط يتدفق إلى ميناء الحديدة ورأس عيسى دون توقف.

تحسن الوضع التمويني للمشتقات النفطية وتراجع أَسْعَار البترول من (20 ألفاً إلى 10 آلاف إلى 7 آلاف إلى سعر لا يقل عن 4 آلاف ولا يزيد عن 5 آلاف ريال)؛ تسبب بخسائر فادحة للقيادات العسكرية التي تمارس تهريب المشتقات النفطية عبر الوديعة بالتنسيق مع عمليات قوات التحالف وبتراخيص منها، ولذلك فإن استمرارَ دخول المشتقات النفطية من ميناء الحديدة ليس من مصلحة تلك القيادات التي لها تأثير كبير على قرار هادي، وكانت تعد أحد الأيادي الطولي للرياض منذ عشرات السنين، وإغلاق الميناء الذي استقبل 150 سفينة محملة بالمشتقات النفطية العام الماضي بالنسبة لتلك القيادات أصبح ضرورةً في معيار الربح والخسارة.